الملك عبد الله.. استشراف المستقبل

TT

شكل عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز مناخا محفزا لحراك فكري غير مسبوق في البلاد، لامس الناس فيه قضايا كان نقاشها في الماضي ضربا من استباق المراحل، وتحقق ذلك لقناعة الملك بالحوار، وما يفضي إليه من نتائج، وقد أدرك البعض من العلماء والمفكرين والكتّاب والإعلاميين سمة العهد وجوهره، واستشعروا واجبهم تجاهه، فتفاعلوا مع أجوائه بطرح الكثير من الأسئلة، وإثارة الكثير من القضايا، ورغم ما يبدو على جوانب المشهد من توتر بين طرفي التجديد والمحافظة فإن ذلك سنة من سنن الحراك، وضرورة من ضروراته، فمن اصطدام الأفكار ينبثق الضوء، وأعتقد أن البلاد اليوم بدأت تجني ثمار بيادر حراكها، وغدت مهيأة لتقييم المستجدات بصورة أكثر وعيا وتبصرا وإدراكا.

ومن العناوين التي تداولها المشهد الإعلامي والاجتماعي في السنوات الأخيرة: التعايش بين المذاهب، الاختلاط، زواج القاصرات، قيادة المرأة للسيارة، وغيرها من العناوين.. وأخال أن الحراك أسهم في توسيع قاعدة حوار هذه القضايا وغيرها من دائرة النخبة إلى دوائر المجتمع بأكمله، وفي إطار الحرية المسؤولة من الطبيعي أن يفرز النقاش شيئا من التباين في الرؤى، لكن الأمر في حد ذاته يشكل ظاهرة صحية محفزة على التفكير والتأمل وتشكيل القناعات.

ويشهد المنصفون بأن الملك عبد الله بن عبد العزيز، قائد يمتلك رؤية تستشرف المستقبل، وما جامعة «كاوست»، والإنفاق بسخاء على تطوير التعليم، وتوسيع برامج الابتعاث، والأمر بإنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، وقبل ذلك فتح أبواب الحوار، إلا دلالة يقينية على مدى اتساع الرؤية، فلقد أدرك هذا القائد بحنكته أن الانضمام إلى ركب العالم المتقدم في الوصول إلى المستقبل يفرض اختصار المراحل، وتجاوز المعوقات، ورفض أنصاف الحلول، والمضي نحو الغايات الكبرى بقدر كبير من الإقدام والثبات والإصرار، وهذا ما يحاول غرسه في النفوس، ولسان حاله يردد على مسامعنا بيت المتنبي:

«إذا غامرت في شرف مروم

فلا تقنع بما دون النجوم»..

وكما يطير الطائر بجناحيه فإن ذوي النفوس الكبيرة يرتقون إلى غاياتهم العظمى بالإرادة، وهذا ما فعله ويفعله الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو يقود مجتمعه إلى آفاق رحبة من الطموح، والحلم، والأمل.

[email protected]