وصف الدكتور عبد الله هضبان، مقدم برنامج «البينة» في قناة «اقرأ»، ما كتبته عن عدم حياديته في الحلقة الأولى التي جمعت الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، وكلا من الشيخين أحمد الحمدان ومحمد النجيمي، بعنوان «نساء المؤمنين ومعركة الاختلاط»، بأنه بهتان وظلم، حيث ذكر موقع «العربية نت» يوم الجمعة الماضية ما نصه: «ونفى مقدم برنامج (البينة) ما اتهمه به محمد صادق دياب، الكاتب في صحيفة (الشرق الأوسط) تحت عنوان (معركة الاختلاط)، الذي قال فيه إن الدكتور عبد الله هضبان وقع في (أخطاء مهنية تتصل بالحيادية) قائلا: (ذلك بهتان وظلم، ما قمت به كان من قبيل الإثارة اللطيفة الخفيفة، برنامجي ليس للمناظرات بل مساحة للحوار الفكري وطرح الآراء الساخنة، وما قلته للغامدي قلته لغيره سابقا)».
ويبدو أن الدكتور الهضبان لم يشاهد تلك الحلقة، حيث كان مشغولا بتشجيع أحد الفريقين، ولو شاهدها لما وصف ما كتبت بالظلم والبهتان، وأما قوله بأن برنامجه ليس للمناظرات بل مساحة للحوار الفكري، وطرح الآراء الساخنة، فما نعرفه أن المناظرات هي من نوع الحوار الفكري، وما دام أتى في برنامجه بمحكم بين الغامدي والحمدان، هو الدكتور النجيمي، فإن هذا يعني أنه كان يقدم مناظرة مكتملة الأركان.
ولعل نقدي والآخرين لأداء الدكتور الهضبان في الحلقة الأولى هو ما جعل إدارته للحوار في الحلقة الثانية تتسم بالموضوعية، واستطاع أن يقدم حلقة جيدة متوازنة ومنصفة، أتيح فيها لكل المشاركين التعبير عن آرائهم في حدود الزمن المقرر، واستطعت أنا وغيري من المشاهدين متابعة الحلقة وتفهم آراء المتحاورين بصورة أكثر إيجابية مما كان عليه الحال في الحلقة الأولى حينما كان الهضبان مقلدا لمذيع «الجزيرة»، فيصل القاسم، بصورة مشوشة.
وتأتي أهمية الحيادية في إدارة الحوار التي طالبت الهضبان بها لقيمة الموضوع الذي يناقشه المتحاورون، فمنذ أن طرح الشيخ الغامدي آراءه عن الاختلاط عبر صحيفة «عكاظ»، والمجالس لا حديث لها سوى هذه القضية، وكان جيدا أن يتبنى برنامج «البينة» حوارا علميا بين الشيخ الغامدي وعالمين من درجة الشيخين النجيمي والحمدان لمعرفة الرأي والرأي الآخر، فتشكيل القناعات بالنسبة إلى المشاهد يتطلب التعرف على مختلف الآراء.
وكما انتقدت عدم حيادية الدكتور الهضبان في الحلقة الأولى، فإن الموضوعية تتطلب إنصاف أدائه في الحلقة الثانية، وأستغرب من إعلامي قادر على الأداء الجيد والراقي كالدكتور الهضبان أن يخرج من طبعه في تلك الحلقة ليقدم نفسه للناس على نحو مختلف عن قدراته وإمكاناته وفهمه الإعلامي.