أوباما.. ضع خطتك على الطاولة

TT

أبرز ما ورد في الخطاب الطويل للرئيس الفلسطيني في مؤتمر فتح قبل يومين دعوته الرئيس الأميركي إلى أن يعلن عن خطة سلام، ويطرحها كمشروع تفاوض بدل ترك الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، يتقاتلان تفاوضيا على كل شيء.

حقا، لماذا لا يطرح الرئيس الأميركي باراك أوباما خطة سلام يعتقد أنها معقولة، والخطة المعقولة ليست مهمة صعبة اليوم بعد سنين من المفاوضات جعلت الجميع، عربا وإسرائيليين وأميركيين، يدركون ملامح الحل الممكن. الممكن إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية على حدود ما قبل حرب 67. وهناك شبه قبول لجملة خطوط عامة بشأن القدس واللاجئين والمياه إلى حد يكفي حياكة خطة سلام عليها مع ترك التفاصيل للمتفاوضين.

لماذا لا يفعلها أوباما، بعد أن رأى أن الحل مستحيل إن تركه لإرادة السلطتين الإسرائيلية والفلسطينية؟ سيجد أوباما تأييدا عارما من الكثيرين من العرب والإسرائيليين، وسيسمع اعتراضات أيضا من نفس المعسكرين على مشروعه، فالمعارضة موجودة، لكنها تقلصت كثيرا مع الوقت. وتؤكد الاستطلاعات الأخيرة أن غالبية المواطنين في إسرائيل وفلسطين مع حل الدولتين.

عندما يوقع أوباما اسمه على مشروع سلام لن يتجرأ كثيرون على معارضته، لأنها ستكون مكلفة. أما المعارضة التقليدية فستقف للمشروع بالمرصاد، مثل إيران ورفاقها، وسيحاربها كذلك المتطرفون الإسرائيليون على الضفة الأخرى. معارضة مألوفة تحتاج إلى أن تواجه بإصرار على الاستمرار في طريق السلام.

أما لماذا يذهب الرئيس الأميركي إلى درجة إعلان خطة سلام والدخول في حرب من أجلها، فإن الأسباب تكمن في قيمتها السياسية والتاريخية والإنسانية. لقد جرب ورأى أنه لن ينجح التفاوض المباشر. فرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لا يريد إغضاب المستوطنين، ويخشى لو فعل أن يسقطوا حكومته، وهي تضحية يرفض المغامرة بها بعد أن انتظر سنين طويلة من أجل أن يعود رئيسا للوزراء. وكذلك الرئيس الفلسطيني عباس الذي علق كل المفاوضات على شرط وقف الاستيطان ثم لم يستطع التراجع خشية أن يتهم بالخيانة والتنازل عن مواقفه السابقة. ورغم جو التفاؤل الذي يوحي بأن الطرفين على وشك العودة للطاولة بعد أن عاد المبعوث الأميركي جورج ميتشل فإن المفاوضات لن تفلح. وحتى لو عاد الطرفان إلى غرفة التفاوض فالأرجح أن يغادرا ثانية للسبب السابق نفسه.

على أوباما أن يدرك أنه شخصيا، وليس أي مبعوث أو وزير، يستطيع أن يقوم بهذه المهمة. فالشرق الأوسط لا يمكن أن يدار بالريموت كنترول، وأن كل الرؤساء الأميركيين إما باشروا المفاوضات شخصيا أو أمضوا أوقاتا طويلة على الهاتف. الاتصالات الشخصية من ضرورات تذليل العقبات، وكذلك الاستعانة بالأصدقاء بشكل متكرر للتدخل وتذليل الخلافات من الوسائل المفيدة. وأخيرا، على أوباما أن يفتح بابه ويعتاد على استضافة المتفاوضين في البيت الأبيض وأن يكون كريما بدعوتهم إلى الغداء والعشاء، لا أن يكتفي فقط بجلسات القهوة التي يضيع نصف وقتها في التقاط الصور وتوزيع الابتسامات المفتعلة.

[email protected]