مطار لمكة المكرمة

TT

المسافة بين مكة المكرمة وجدة من القِصَر بحيث لو اتجه عمران كل مدينة في اتجاه الأخرى لاتحدت المدينتان عمرانيا منذ سنوات بعيدة، وكانت جدة تسير في هذا الاتجاه - أي الاتجاه شرقا - قبل قدوم أمينها الأول المهندس محمد سعيد فارسي الذي ارتأى أن جدة تدير ظهرها للبحر، فحول مسارها العمراني من الشرق إلى الشمال لتكون بمحاذاة البحر، فامتد طرفها في اتجاه الشمال عشرات الكيلومترات، ولا أعتقد أن أمنية الأمين تحققت، فلا يزال بين جدة والبحر موانع من الأسوار والأبراج، وكان أجدى لجدة - والحالة هذه - لو تركها تسير في اتجاه هواها وحنينها الطبيعي إلى مكة المكرمة.

تلك مقدمة أردت أن أمهد بها لفكرة إنشاء مطار بمكة المكرمة، وهي فكرة ليست جديدة، ويتداولها الناس منذ زمن، حيث يرى البعض أهمية لإنشاء مثل هذا المطار، ويرى البعض الآخر أن المسافة بين المدينتين لا تبرر مثل هذا المطلب، لكن الجديد في الموضوع موافقة مجلس الشورى السعودي - الأحد الماضي - على دراسة إنشاء مطار مكة المكرمة خارج حدود الحرم المكي ليخدم الزوار على مدار العام، ولو قدر لهذه الدراسة إثبات الحاجة لمثل هذا المطار، وارتأى الدارسون إمكانية إقامته في غرب مكة المكرمة، فهو في تقديري سيشكل حالة مثالية للاستغناء عن المطار الحالي في جدة الذي دخل مرحلة حرجة لم تعد تتناسب مع مطار على هذه الدرجة من الأهمية، ولا أريد أن أخوض هنا في أوضاع المطار الحالية، فأوضاعه لم تعد تخفى على أحد، ولكن أرى توفير الإنفاق على ترميمه وتطويره لصالح إنشاء مطار جديد في مكة المكرمة خارج الحرم في اتجاه جدة، يكون أقرب لمكة المكرمة، ويبنى وفق مواصفات عالمية حديثة، ويحمل اسم المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله، بحيث يخدم المدينتين معا، ويكون واجهة حضارية معبرة لما بلغته البلاد من تطور وتقدم، فمطار واحد بمعايير عالمية متطورة لمكة المكرمة تتوحد فيه الجهود والإمكانات المادية خير من مطارين للمدينتين لا يحققان الطموح المرجو في زمن غدت فيه المطارات تشكل الدلالات والعناوين الكبرى لبلدانها.

كم أتمنى حقا أن تقود موافقة مجلس الشورى إلى تحقيق حلم إنشاء هذا المطار، بحيث يكتسب من المدينة المقدسة التي تضمه مكانه ومكانته وأهميته.

[email protected]