الورطة في شهر 6؟

TT

اللبنانيون قلقون لأن واشنطن تريد طرح قرار العقوبات الجديدة على إيران في أقرب وقت على مجلس الأمن، ومجرد طرح العقوبات في شهر مايو المقبل يعني أن على لبنان، الذي سيترأس المجلس، أن يتخذ قراراً كبيراً، فإما أن يسلم رقبة طهران لمقصلة العقوبات، أو أن يمتنع عن التصويت، وهذا أمر لا تقبله طهران، ودمشق، وحزب الله الذين لا يرضون بأقل من  رفض القرار.

موقف واشنطن، المعلن، هو الهدوء، وأنهم يستبعدون إمكانية أن يبطئ لبنان مشروع العقوبات، إلا أن المعلومات التي سمعتها تقول العكس، حيث أن هناك تفكيراً جاداً بواشنطن لتجاوز شهر مايو، وطرح العقوبات بشهر 6، أي يونيو، خلال فترة رئاسة المكسيك للمجلس، من أجل رفع الحرج عن لبنان. أحد الأذكياء نصح البعض في لبنان بأن يلتزموا خطى تركيا، فإن امتنعت عن التصويت امتنع لبنان، وإن صوتت صوتوا، إلا أن البعض في بيروت يقول إن الضغط القادم من طهران كبير، ناهيك عن حزب الله، ودمشق، لكن من يقرأ التاريخ القريب سيجد أنه ليس هناك من حرج على لبنان، خصوصاً إن تصرف اللبنانيون على الطريقة السورية، حيث صوتت سورية في 2002 على مشروع قرار «الفرصة الأخيرة» رقم 1441، الذي تقدمت به واشنطن، ودعمته لندن، لمجلس الأمن، وهو القرار الذي منح العراق فرصة أخيرة للامتثال لالتزاماته المتعلقة بنزع السلاح بموجب قرارات مجلس الأمن، فلماذا صوتت سورية حينها على القرار الذي نال الإجماع ضد العراق، واليوم يرفض التصويت على قرار عقوبات إيران، بل ويعتبر خيانة؛ فإيران ليست دولة عربية، ولا مجاورة للبنان، بل وليس لها الحقوق التي للعراق؟

المهم هنا أنه مهما حاول لبنان تفادي مأزق رئاسة مجلس الأمن في الشهر المقبل، وطرح العقوبات على إيران، فسيظل بمقدور الدول الغربية تمرير العقوبات في شهر 6، وحتى لو تعطل، فالأسوأ قادم لإيران؛ فتعطيل قرار مجلس الأمن لن يحول دون الغرب، أو إسرائيل تحديداً، للتعامل مع ملف إيران النووي، فكلنا يذكر أن الاعتراض الفرنسي على قرار حرب العراق لم يثنِ أميركا عن اتخاذ قرار إسقاط نظام صدام حسين، بل إن باريس وقتها غررت بالنظام العراقي وجعلته يتمادى، ويشعر بأن الحرب أمر بعيد، وحدث العكس.

اليوم تواجه إيران نفس المصير، والمأزق، فإبطاء العقوبات، أو محاولة الالتفاف عليها، لن تكون انتصاراً بمقدار ما أنها ورطة، لأنه أمر سيعجل بالحرب، فان لم تفعلها أميركا، ستفعلها إسرائيل، فجل التصريحات القادمة من أميركا لا تقول بأن إسرائيل لن تضرب إيران فقط، بل دائماً ما تكون بفحوى أن تل أبيب لن تستخدم القوة «الآن».

وعليه فعلى اللبنانيين ألا يحتاروا كثيراً، فإن صوتوا للقرار فقد سبقتهم سورية من قبل تجاه العراق، وإن امتنعوا عن التصويت فذلك أهون الضرر.

محصلة الحديث هو أنه ليس بمقدور أحد حماية إيران إلا الإيرانيين أنفسهم وذلك بالتزام العقل، وكل المؤشرات تقول إن نظام طهران أبعد ما يكون عن التصرف العقلاني.

[email protected]