روزنامة عمرها عامان

TT

يروي باراك أوباما الابن في «أحلام أبي» حكاية الرحلة التي قام بها إلى كينيا عام 1988 بحثا عن جذوره وأرض أجداده، وعندما يصل إلى نيروبي يكتشف «أن العالم هنا أسود. وأنت أنت؟؟». يريد أن يعرف المزيد عن والده. عن الرجل الذي انتقل من رعاية الماعز إلى هارفارد. لكن الذي يسمعه من أخته، أمه، لم يكن مفرحا كله. لا. ليس صحيحا أن مؤسس كينيا، جومو كنياتا، قال لأوباما الأب إن «من الأفضل لك أن تبقي فمك مغلقا». هذه خيالات الأب ومبالغاته. الصحيح، تقول أمه، أن والدهما رجل دمرته خيباته السياسية: «كان الرجل العجوز زوجا سيئا وأبا أسوأ»، مدمنا وغاضبا، يعود آخر الليل فيقتحم غرفة أمه ويوقظها بعنف ويروح يتحدث عن إخفاقاته بغضب. إذن، يكتشف أوباما من أخته أن تلك الصورة الأسطورية التي حاولت أمه أن تزرعها في نفسه مبالغ فيها، بل هي غير صحيحة إطلاقا، «شعرت أن العالم كله هوى على رأسي. أحسست كأن شمسا زرقاء ظهرت فجأة في سماء صفراء. وأدركت أنني كنت أصارع شبحا».

يلتقي أوباما الباحث عن الجذور، الرجل الذي سوف يصبح ذات يوم رئيس أميركا، أبناء عمومته وأبناء أخواله وأقاربه في شقة أحدهم، «حيث الأثاث مهترئ كل الاهتراء، وعلى الجدار روزنامة قديمة عمرها عامان»، فيتذكر صورة الفقر في شيكاغو. لكن سوف يشاهد ما هو أسوأ بكثير عندما يذهب إلى أحياء الصفيح في نيروبي.

وأخيرا يذهب إلى كوغيلو، قرية الأجداد، ومعه أمه وزوجة أبيه كيزيا وعمته زيتونة وأخواه روي وبرنارد. يستقل الجميع قطار الليل الذي أنشأ خطوطه المستعمر الأبيض عام 1895. وفي كوغيلو يصغي إلى جدته، ماما سارة، تروي تاريخ العائلة التي هربت من أوغندا إلى كينيا في صراع قبلي. لا. لم يكن جده، أويانغو، رجلا دمثا، بل قاسيا وفظا. وعندما ذهب إلى نيروبي ليرى كيف يكون الرجل الأبيض عاد إلى القرية منتعلا حذاء، «وقد أخاف ذلك أطفال القرية وأرعبهم». وسرعان ما ملأ الرجل الأبيض كينيا، «واكتشفنا أنه مع الشاي لا بد من السكّر ومن مغلاة وفناجين. وكنا نقايض كل ذلك بالجلود واللحوم والخضار».

من هم أجداد رئيس أميركا المقبل؟ هكذا عددتهم العمة سارة له: أول جد معروف هو ميويرو الذي رزق سيغوما الذي رزق أويني الذي رزق كيسووهي الذي رزق أوغيلو الذي رزق أوتوندي الذي رزق أويونغو الذي رزق أوكوث الذي رزق أوبيو، «أما أسماء النساء اللاتي حملن بهم فلا ذكر لها. هذه هي الحال هنا».