.. وتغريب عاما

TT

صدر الأسبوع الماضي في جدة حكم على حدث لم يتجاوز الـ17 من عمره بالتغريب عاما، والجلد 100 جلدة دفعة واحدة، نتيجة إقراره بممارسة الزنى، وعدم تراجعه عن اعترافاته لدرء تطبيق الحد، وقناعته بالحكم الصادر ضده، وما ترتب على ذلك من سقوط حقه في الاستئناف، حيث اكتسب الحكم صفة القطعية.

هذا الحكم أثار بعض النقاش القانوني والتربوي، فلقد تمنى المستشار القانوني في هيئة حقوق الإنسان الدكتور عمر الخولي «وجود محام إلى جانب الحدث لحظة محاكمته، توطئة لإظهار وبيان حقوقه أثناء محاكمته، لا سيما ما يترتب على التقرير بالقناعة الذي يحرمه حقه في استئناف الحكم»، أما الشق التربوي من الحكم، في ما يتصل بالتغريب، فهو الذي يشكل بالنسبة لي ككاتب - بخلفية تربوية - قدرا من المخاوف على مصير الحدث، إذ لما كان هذا الحدث لديه القابلية للخطأ، وهو بين أهله وأسرته ومعارفه، حيث ارتكب خطيئة الزنى، فكيف سيكون أمره إذا ما غرّب في مدينة يتحرر فيها كليا من الرقابة الأسرية؟! ولمّا كان عمر الحدث يوحي بأنه لم يزل في عمر الدراسة فلنا أن نتصور حجم الصعوبات التي ستواجهه وأسرته، إذ كيف يمكن تأمين السكن والمدرسة وحاجات الحدث اليومية كالطعام والملبس والمواصلات ونحوها؟ والأهم من كل ذلك كيف يمكن متابعته وتوجيهه وإصلاحه، وهو يعيش وحيدا في مدينة لا يعرف فيها أحدا، ولا يعرفه أحد فيها؟ إذ من غير المتخيل أن تنتقل أسرة الحدث معه إلى المدينة التي سيقضي حكم الاغتراب فيها، وإلا تحول الحكم إلى حكم على الأسرة بأكملها.

وتقودنا هذه المسألة إلى ضرورة تكثيف التفكير في الأحكام التي تصدر في حق الأحداث، بحيث تحمل أغراضا تربوية واجتماعية ونفسية من شأنها توجيه مساراتهم إلى دروب الصلاح، والتوبة النصوح، ونبل السلوك، خاصة أولئك الذين ليست لهم سوابق من قبل لكيلا تشكل الخطيئة الأولى منزلقا يقود إلى التردي في دوامة السقوط الدائم والمتكرر في هاوية الخطيئة، وتطبيق حكم التغريب بالنسبة للحدث من دون توفير البيئة المناسبة في جهة الاغتراب قد يؤدي إلى نتائج عكسية غير التي نرجوها من هذه العقوبة. فهل وضع الحكم الصادر على الحدث ذلك في الاعتبار؟

[email protected]