رعونة!

TT

* حماقة قصوى أن تكون وسيلة الاعتراض لمن لم ترق لهم أفكار الشيخ أحمد بن قاسم الغامدي، مدير عام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة حول مسألة الاختلاط، التجمع حول داره، أو محاولة الدخول إلى منزله - كما ذكرت صحيفة «المدينة» - للجلوس معه بحكم أن الاختلاط مباح، فتلك وسيلة متشنجة للتعامل مع قضايا الفكر مهما كانت درجة اختلافنا مع الرأي المطروح. ولو ثبت على هؤلاء أنهم ارتكبوا مثل هذا الفعل فإن عقوبة حاسمة ومعلنة من المؤكد أن تطبق في حقهم لتكون رادعة لكل من تسول له نفسه التعامل مع مثل هذه القضايا بأساليب رعناء، فنحن نعيش في مجتمع حضاري وآمن يوفر الحماية للفرد ليعبر عن رأيه، وأفكاره واجتهاداته في إطار الحرية المسؤولة. وحسنا فعلت شرطة العاصمة المقدسة في القبض على أولئك الشباب الذين أقحموا أنفسهم في حوارات العلماء بطريقة خاطئة وسوقية ومتشنجة.

ولقد تابعنا على مدى أسبوعين في أحد البرامج الحوارية من العلماء من اختلف مع الغامدي، وعارض آراءه، وتباين مع قناعاته، ولكن في إطار الفكر والحوار، فالفكر لا يقابل إلا بالفكر، أما اللجوء إلى الحركات الصبيانية كما فعل أولئك الشباب بذهابهم إلى دار الغامدي فتلك سلوكيات خاطئة، تتكفل الأجهزة الأمنية بردعها وتأديبها وإلجامها.

***

* منظر مؤلم وقاس وخادش ذلك الذي طالعتنا به إحدى القنوات الفضائية اللبنانية، وهي تعرض شريطا لمجموعة من سكان قرية كترمايا اللبنانية يعلقون جثة مصري بخطاف قصاب على عامود إنارة على خلفية مقتل رجل مسن وزوجته وحفيدتيهما، وقد اعتقل المصري محمد مسلم للاشتباه في ارتكابه الجريمة، وأحضرته الشرطة إلى مسرح الحادثة لإكمال تحقيقاتها فتغلب الحشد الثائر في القرية على رجال الشرطة واختطفوا المتهم من بين أيديهم واعتدوا عليه بالضرب والطعن، ثم سحلوا جثته في الشوارع لينتهي المشهد بتعليقه شبه عار على أحد أعمدة الإضاءة!

فإذا كانت الجريمة المرتكبة في حق الرجل المسن وزوجته وحفيدتيه شنيعة وبشعة فإن ما ارتكبه الغوغاء لا يقل بشاعة، فمهما كان جرح أهالي القرية بالغا وأليما فإن ذلك لا يخول لهم حق تطبيق العدالة بأيديهم في بلد حضاري له قضاؤه وسلطاته الأمنية، ومن المؤكد أن مثل هذا الفعل سيلقي بظلاله على صورة لبنان. ويبقى السؤال: ما مدى قانونية عرض شريط مصور لهذه الحادثة الصادمة والأليمة على شاشة قناة تدخل كل بيت، ويشاهدها الأطفال والنساء والمرضى النفسيون؟!

***

* التفكير بالعضلات هو المقابل الطبيعي لضمور عضلات التفكير.

[email protected]