محاصرة السياحة في لبنان!

TT

من التقاليد الإسرائيلية المتبعة منذ سنوات رفع درجة حرارة التوتر مع لبنان كلما اقترب الصيف، وهذا الارتفاع متعمد ومقصود مع سبق الإصرار والترصد، ويدخل في نطاق الحرب الاقتصادية التي تشنها على لبنان، والغاية من ذلك ضرب الموسم السياحي الذي يشكل مصدرا رئيسيا من مصادر الدخل اللبناني. ففي كل عام نجد إسرائيل تصب المزيد من الزيت في مرجل التهديدات خلال شهور أبريل (نيسان) ومايو (أيار) ويونيو (حزيران) مستبقة الموسم السياحي، بغية ترهيب السياح من القدوم إلى لبنان، وتابعت ذلك منذ سنوات فلم أجد إسرائيل تتأخر عن موعدها، أو عن رغبتها في ضرب اقتصاد لبنان، ولكنها تصطدم في كل مرة بسيكولوجية الإنسان اللبناني المتفائل، والجسور، والعاشق للحياة، فنجد لبنان على الرغم من كل التهديدات يضيء كل عام فنارات موانئه الجوية والبحرية والبرية لاستقبال عشاقه ومحبيه، دون تردد أو وجل أو انتظار لما تؤول إليه التهديدات، ومن حسن حظ لبنان أن لعشاقه من السياح خصائصه نفسها، فتجدهم يشدون رحالهم إليه كل عام، غير عابئين بأسطوانة إسرائيل المشروخة التي تعيد دورانها في كل مرة متخذة من الشهور التي تسبق موسم الصيف موعدا للبث.

الشيء الوحيد الذي يأخذه السائح إلى لبنان على محمل الجد هو التوترات الداخلية التي تحدث بين اللبنانيين، وليس تهديداته الخارجية، لأن كل اللبنانيين وجل السياح يكونون في خندق واحد أمام التهديد الخارجي، ولا يكون الحال مماثلا حينما تنشأ التوترات والصراعات بين أهل الدار أنفسهم كما يحدث في بعض الأحيان. واستباقا لموسم صيف هذا العام بدأت إسرائيل مبكرا عزف أنغامها الغاضبة على لبنان واللبنانيين، ولا يصعب عليها خلق ذرائع لهذا التصعيد وحبك مبرراته. من المؤكد أن محاولة حصار لبنان الاقتصادي عبر التهديدات أمر سيئ جدا، ولكن إسرائيل تخطئ إذا نظرت إلى أن مثل هذا الضغط الذي تمارسه سنويا يمكن أن يوقف قوافل الطيور المهاجرة صيفا إلى لبنان، وتخطئ أيضا إن ظنت أن هذه التهديدات يمكن أن تؤدي إلى خلق حالة التمرد التي تستهدف حدوثها في الداخل، فكل القوى اللبنانية تدرك جيدا أبعاد هذه اللعبة الإسرائيلية. وتبقى الحقيقة بأن لبنان؛ البلد والناس والتاريخ، لا يمكن اختزاله في صيف سياحي.

[email protected]