عالم خالٍ من الخطر النووي

TT

«سنعمل معا على تعزيز معاهدة الحد من الانتشار النووي كأساس للتعاون. فالصفقة الأساسية جيدة وهي: أن البلدان النووية ستتحرك باتجاه التجرد من الأسلحة، والبلدان التي لا تملك أسلحة نووية لن تحصل عليها، وتستطيع كل البلدان أن تحصل على الطاقة النووية السلمية. وينبغي علينا لتعزيز المعاهدة أن نتبنى عدة مبادئ. نحتاج إلى مزيد من الموارد والسلطة لتعزيز نظام التفتيش الدولي. ونحتاج فعلا وفورا إلى عواقب تترتب على البلدان التي يتم ضبطها منتهكة للقواعد أو تحاول أن تخرج من المعاهدة من دون سبب». الرئيس الأميركي باراك أوباما في براغ بالجمهورية التشيكية في 5 أبريل (نيسان) 2009.

أدلى الرئيس أوباما بهذه العبارات قبل سنة في خطابه في براغ ودعا العالم إلى السعي من أجل مستقبل خالٍ من الأسلحة النووية. وبعد سنة من الخطاب وقّعت الولايات المتحدة وروسيا اتفاقية تاريخية جديدة، هي معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت - 2)، التي تعمل على مزيد من تخفيض ترسانتينا النوويتين وتعزيز الأمن الدولي. وإنني في هذا الأسبوع أؤكد أننا نسعى عاملين مع شركائنا على إعادة إنعاش معاهدة الحد من الانتشار النووي التي تشكل حجر الزاوية في النظام الدولي والأساس الضروري للتجرد من الأسلحة النووية في نهاية المطاف. وهناك نحو 190 بلدا تلتقي في نيويورك في مؤتمر يستغرق شهرا لاستعراض مدى الالتزام بتطبيق معاهدة الحد من الانتشار ولدرس وضع منهاج للعمل في المستقبل على تقوية الحواجز التي تمنع الانتشار النووي، ودفع عجلة برنامج نزع الأسلحة، وتوسيع المجال أمام الدول للحصول على فوائد الطاقة النووية السلمية، لا سيما البلدان النامية بموجب ضمانات أمنية دولية. إننا نواجه لحظة حاسمة من الزمن وعلينا أن نتأكد من أن كل أطراف معاهدة الحد من الانتشار قد تقدمت نحو الوفاء بالتزاماتها. فزيادة توفر التكنولوجيا الحساسة تزيد من إمكانية وصول المنخرطين، دولا كانوا أم غير دول، على أسلحة التدمير الشامل. ثم إن فشل بعض الدول الذريع في الوفاء بالتزامات معاهدة الحد من الانتشار يقوض الأمن الإقليمي والعالمي.

إن على كل أطراف معاهدة الحد من الانتشار، الدول النووية منها وغير النووية على السواء، مسؤولية اتخاذ الخطوات التي تحقق أهداف المعاهدة. والولايات المتحدة تقوم بدورها في تخفيض الأسلحة النووية وفي دعم جهود كبح انتشار الأسلحة والمواد النووية. ففي الأسابيع القليلة الماضية وقعنا معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت - 2) التي من شأنها تخفيض الأسلحة النووية وزيادة الاستقرار وإمكانية التنبؤ والثقة. وأعلنا مراجعة جديدة للوضع النووي الأميركي تعمل على خفض مستوى دور الأسلحة النووية في الاستراتيجية الدفاعية وتقدم الضمانة على أن الولايات المتحدة لن تستعمل أو تهدد باستعمال الأسلحة النووية ضد الدول التي لا تملك أسلحة نووية وتشترك كطرف في معاهدة الحد من الانتشار وتفي بالتزاماتها في منع الانتشار النووي. وقد اتفقت الولايات المتحدة و47 دولة أخرى في قمة الأمن النووي على الأهمية الحاسمة لتأمين كل المواد النووية غير المحصنة بأسرع ما يمكن، وذلك للحيلولة دون وقوعها في أيدي الإرهابيين. ولذا يجب على كل أطراف معاهدة الحد من الانتشار أن تعمل معا على ضمان تحقيق ما نصت عليه المعاهدة. وعلينا بداية أن نكفل للوكالة الدولية للطاقة الذرية امتلاك الأدوات والصلاحيات التي تحتاجها لأداء مهمتها في تحقيق الضمانات المهمة والتعاطي بجدية وأمانة مع حالات عدم الالتزام بالمعاهدة. ولا يقل أهمية عن هذا الركن الثالث للمعاهدة وهو الذي يتعلق بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وهنا أيضا تؤدي الولايات المتحدة نصيبها كأكبر دولة مانحة في العالم تتبرع لجهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية الرامية إلى تمكين البلدان النامية من الحصول على فوائد استخدام الطاقة النووية في مجالات متعددة كالطب والزراعة والمياه.

وبهذه الروح من التعاون والمسؤولية المشتركة ندعو دول العالم الأخرى إلى الانضمام إلينا في العمل على إعادة إنعاش النظام العالمي للحد من الانتشار. ونرجو أن تنضموا إلينا في تعزيز معاهدة الحد من الانتشار والبدء في السير على الطريق الذي يقرّبنا أكثر من أي وقت مضى من تحقيق الهدف النهائي للمعاهدة - ألا وهو عالم خالٍ من الأسلحة النووية.

* سفير الولايات المتحدة الأميركية في لندن