العراق.. هو تحالف إيران

TT

لا يمكن وصف التحالف الذي أعلن عنه قبل أمس بين كل من ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي، إلا بأنه تحالف إيران. فما تم يعد تحالفاً طائفياً بحت غلّب الطائفة على الوطن، والهدف منه هو إقصاء نصف المجتمع العراقي، وبالطبع ستكون نتائجه وخيمة.

يقول لي مسؤول غربي، وبتعجب، «كيف سلمت أميركا العراق لإيران» والحق أن أول من قالها، علناً، وفي أميركا هو وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عندما قال، وبحضور وزيرة الخارجية الأميركية وقتها كوندوليزا رايس، بأن أميركا سلمت العراق لإيران على طبق من ذهب. ويقول لي مطلع سعودي إن الأميركيين غضبوا يومها غضباً شديداً، وتحديداً رايس، واليوم يتأكد كلام سعود الفيصل بشكل قاطع.

من غير المهم فهم الأسباب التي دفعت إلى هذا التحالف الشيعي، والانقلاب على نصف الشعب العراقي، بل الأهم هو فهم العواقب الوخيمة التي ستترتب على ذلك التحالف. فالتحالف يعني أن ليل العراق طويل، كما يعني أن القاسم المشترك بين المتحالفين هو البعد الطائفي، وهو ما سيترتب عليه عدم استقرار في العراق، مع انعدام في الثقة بين العراق ومحيطه العربي. وهو أمر ليس بالسهل أبداً، وسيتذكر العراقيون ذلك، ولكن بعد فوات الأوان؛ فبعض النصر انكسار، بل وأشد مرارة من الهزيمة. فالديمقراطية لا تقوم على تغليب الحس الطائفي، وخدمة الأجندات الخارجية، وتحديداً الإيرانية. فلو أن كل مكون في الدول العربية ذهب يبحث عن عمقه الطائفي لحلت كارثة بالمنطقة. ولذا، فإن المظلة الوطنية هي الأنجع، والأكثر سلامة، بل هي المطلب الأوحد، كما أنها بيت العقلاء.

إلا أن ما يحدث في العراق اليوم هو على عكس ذلك، والمستهدَفون هنا ليسوا السنة فقط، على رغم عدم مرور أسبوع واحد بدون أخبار عن اغتيالات وتصفيات، آخرها اغتيال نائب رئيس الوقف السني غرب بغداد يوم أمس، إلا أن هناك أيضاً استهدافاً للمسيحيين، وبشكل منتظم، من أجل ترهيبهم، وإخراجهم من العراق، وبشكل سافر، وسط صمت عربي، ودولي!

اليوم وبعد إعلان التحالف بين الائتلافين الشيعيين في العراق يجب ألا نفاجأ من قادم الأيام، وإن كنا نشعر بالأسى على ما سيؤول إليه الوضع في العراق. لكن المهم أن تبقى القائمة العراقية، بسنتها وشيعتها، وكل أطيافها، متماسكة، ومتعقلة، والأمر نفسه ينطبق على الأكراد، ولسبب بسيط وهو أن التاريخ يوثق، ودائرة الزمان تدور، وخير مثال نظام صدام حسين السابق، فمن كان يصدق أنه سينتهي بالشكل الذي انتهى إليه؟

وعليه، فليس مهماً من يأتي لرئاسة الوزراء العراقية، سواء المالكي أو غيره، المهم أن الواضح لدينا اليوم أن العراق على شفا حفرة مجهولة العواقب. فإن انزلق إلى العنف فكلنا متضررون، وإن ارتمى في أحضان إيران، فالكارثة أكبر، حيث ستطل طهران على الخليج العربي من عدة منافذ، وفي جيدها حقول نفط، ومعها حمالة حطب!

فهل اتضحت الصورة؟ أعتقد أنها واضحة وضوح الشمس!

[email protected]