الشيخوخة من فوق لتحت!

TT

أرجوك لا تفهمني خطأ. فالكلام جاد وإن كانت البداية تبدو كأنها هزل. أرجوك ألا تسيء الظن بي.

وأرجو أن ترجع إلى غلاف مجلة «باري ماتش» الفرنسية من عدة أيام. فقد ظهر على غلافها رئيس بولندا المنكوب وزوجته. وعلى وجهه البشاشة وعلى وجهها الامتنان. وليس هذا ما أريد. أريدك أن تنظر إلى ساقَيها.. في غاية الجمال.. ثم انظر بسرعة إلى وجهها وعروق يديها سوف تجد آثار الزمن. تغضَّن وجهها وتكرمَش ما تحت عينيها. وبرزت عروق يديها. ماذا أريد أن أقول؟

أريد أن أقول إن الإنسان يكبر من فوق. أي تظهر عليه أعراض السنين من فوق. الشعر يصير أبيض جافا والأسنان تتساقط والذاكرة أضعف. والكرمشة حول العينين والشفتين.. وبعد ذلك القلب والأمعاء. فالإنسان يكبر بالتدريج. والبداية من فوق. حيث الجاذبية الأرضية أشد.. وكما حدث للسيدة الأولى في بولندا أن تقدمت في السن، إلا ساقيها.. فلا تزال الساقان بديعتين انسيابيتين. والجمال كما يقول أستاذنا عباس العقاد هو الحرية.. أي حرية الحيوية وهي تنساب بسهولة دون أن تتعثر. وهي قد تعثرت في اليدين والخدَّين والقلب والأمعاء.. ويقول أستاذنا العقاد أيضا إن الصوت الجميل هو الصوت الحر.. أي الذي ينطلق فلا ينحاش في الحنجرة أو في الأنف والفم.. وكذلك الشباب هو الحيوية المنسابة.. والشيخوخة هي الحيوية المتناقصة والمتعثرة.. إلا في الساقين كما رأيت وكما سوف ترى في هذا الغلاف وفي من حولك من نساء - انظر وتأمل!