للناس في ما يعشقون مذاهب

TT

إليكم هذه الحادثة الخيالية: بينما كان مجموعة مبحرين في إحدى السفن في عرض المحيط، لمحوا مصادفةً رجلا وحيدا في جزيرة صغيرة، فوقفوا سفينتهم لاستطلاع أمره وإنقاذه وإركابه معهم، غير أنه رفض كل عروضهم، فسأله أحدهم: لماذا جئت إلى هذا المكان البعيد المنزل؟!

- لأنسى حزنا كبيرا.

- هل بالإمكان معرفة هذا الحزن؟!

- لقد نسيته.

***

تأكدوا تماما أن من يكثرون من الثرثرة ولا يتوقفون عن الكلام، إنما يعوزهم العمق والمنطق، ولكي يعوضوا عن سطحيتهم وجهلهم يطيلون الكلام، وإذا صادف أحد منكم أحدهم فأدخلوا كلامه من أذنكم وأخرجوه سريعا من الأخرى، فأسوأ الكلام هو: ما طال ولا دلّ.

***

سمعت زوجة تتحدث إلى أخرى كأنها تلقي عليها محاضرة - وهذه الست على فكرة محبة لزوجها وسعيدة - فقالت وعيناها مغرورقتان بدموع الحنان: «الحب هو (إحساس بالغير)، إن الافتتان بشخص آخر، والشعور الغامض به، هما المادة الحقيقية للحب».

ثم نسيت نفسها ورفعت صوتها قائلة: «إن (فلان) - تقصد زوجها - ملك حياتي كلها، إنني أتشرب كل انفعالاته وتعقيداته كأنني أتشرب (زقّا من العسل)».

وعندما وصل كلامها إلى العسل، التفت إلى زوجها الجالس غير بعيد عني، فأخذت أبحث عن زق العسل الذي ذكرته: هل هو في كرشه المتضخم، أو أجفانه المتورمة، أو حشرجة صدره عندما يريد أن يتكلم، وبعد البحث والتقصّي والمعاناة لم أجد حتى ولا نقطة عسل واحدة، ولكن صحيح، للناس في ما يعشقون مذاهب!

***

قرأت أن إحدى شركات الطيران السويدية أرادت أن تقيم معرضا في غرب برلين تعرض فيه أثواب الزفاف التقليدية أو «الفلكلورية» لمختلف البلاد أو الشعوب، فبعثت تطلب نماذج من تلك الأثواب، وتقاطرت عليها الإرساليات من مختلف دول العالم، ومن ضمنها طرد وصلها بالبريد الجوي من نيروبي عاصمة كينيا، وقد كتب على الصندوق من الخارج «في داخله ثوب الزفاف»، وعندما فتح المختصون الصندوق، وجدوه خاليا تماما، فاستاءوا واعتبروا ذلك إهانة و«قلة حيا».

مع أنني إلى الآن متعجب ولا أعلم لماذا هم استاءوا وأخذوا الموضوع بهذه الحساسية! فـ«جَلّ من لا يسهو» وينسى، وإيه يعني إذا ما كان فيه فستان؟!

[email protected]