انج رياض فقد غرقت جدة

TT

«انج زيد فقد هلك سعيد»، هذه العبارة كان يمكن أن تقال لبقية مدن السعودية بعد أن غرقت جدة ذات سيل، وفاضت أرواح عدد من سكانها، حينها كان يمكن أن نقول للعاصمة: «انج رياض فقد غرقت جدة»، فبعد أن حدث ما حدث لجدة كنا نظن أن شقيقاتها من المدن الأخرى في مأمن مما حدث لها، وأن «جدة غير»، وأن ثمة أخطاء في بعض الجهات ذات العلاقة جعلت جدة تغرق دون غيرها.

ما حدث قبل أيام في العاصمة الرياض في مواجهة السيول جعلنا نستفيق إلى أن كل مدننا أمام السيول في خطر. فجلها - إن لم يكن كلها - يفتقر إلى البنية التحتية اللازمة للنجاة من الغرق، فهذا أمين العاصمة الرياض - التي هي الواجهة الحضارية للبلاد - يبوح بما ابتلعه الآخرون بأن الاعتمادات المالية هي السبب، فما اعتمدته وزارة المالية لا يتجاوز نسبة 16 في المائة من إجمالي ما تحتاجه العاصمة، لذا بقي 70 في المائة من أحيائها خارج شبكات التصريف، فإذا كان هذا هو حال العاصمة مع وزارة المالية، فكيف حال بقية المدن؟! ثم هل ستبادر وزارة المالية، أو أحد مسؤوليها، إلى إصدار بيان عن الاعتمادات التي اعتمدت للعاصمة الرياض على غرار ما حدث إبان كارثة جدة؟

إن الأحداث المتكررة التي تحدث لمدننا تفرض إعادة تنظيم العلاقة بين وزارة المالية وأمانات المدن في ضوء دراسات واقعية يحتكم إليها الطرفان، فلا تمتد نظرية «الوالدية»، فتصبح وزارة المالية الأب «الأبخس» بمصلحة الأبناء واحتياجاتهم. فبعد أن بلغ السيل الزبى، ولم يستثن حتى العاصمة الرياض، التي مثلت على مدى سنوات النموذج الجميل لما يمكن أن تكون عليه المدن الحديثة، فإن منح مشكلة تصريف مياه الأمطار في مدننا الأولوية يعتبر من أوجب الواجبات، خاصة في ظل المتغيرات المناخية التي تجتاح كوكبنا، ويحذر منها العلماء.

إن علينا أن نسابق الزمن، ونفعل كل ما بوسعنا فعله، فلا شيء - في ظل تحذير العلماء المتكرر - ينبغي أن يعلو على سلامة مدننا، وسكانها، والمنجزات الكثيرة التي عليها.

[email protected]