الحرس الثوري وقطاع النفط

TT

بعد الاستفادة من العقوبات الفعلية الموجهة ضده، يضطلع الحرس الثوري الإيراني في الفترة الحالية بدور رائد في تطوير قطاع النفط الذي يحقق الأرباح في البلاد، حسبما ذكر مسؤولون غربيون في مجال النفط ومحللون إيرانيون.

وجرى منح شركات الهندسة التابعة لفيلق الحرس الثوري، التي حلت محل شركات النفط الأوروبية التي غادرت إيران، عقودا ضخمة من دون إعلان مناقصات. ويحذر الخبراء من أن الجهود الأميركية الرامية إلى منع الاستثمارات الدولية في صناعة النفط الإيرانية تعطي مزيدا من النفوذ للحرس الثوري. وتعد إيران ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك».

وقال مسؤول تنفيذي غربي، يمثل واحدة من أكبر شركات النفط في العالم: «إن الحرس الثوري يسخر من فكرة فرض عقوبات جديدة ضد إيران. ستعني العقوبات ضد الصناعة، أو منع الشركات الأجنبية من بيع الغازولين لإيران، مزيدا من الأموال والسلطة والنفوذ للحرس الثوري».

وفي الماضي، كان دور الحرس الثوري في قطاع البتروكيماويات محصورا في مشروعات البنية التحتية المتعلقة بالقطاع، بما في ذلك إنشاء الطرق والقنوات. لكن في الفترة الراهنة، تشرف الشركات التابعة للحرس الثوري على تنمية معظم مشروعات النفط، وقد أخذت هذه الشركات زمام المبادرة في مناطق أساسية من مشروع جنوب فارس للغاز الطبيعي المسال في مدينة عسلوية على الخليج، في ظل عمل الشركات الصينية كمقاولين من الباطن بصورة متزايدة.

وقال المسؤول التنفيذي، الذي قضى سنوات طويلة في طهران: «سيستغرق الأمر معهم وقتا أطول، وسيكونون أقل كفاءة، لكن قطاع النفط والغاز الإيراني سيواصل النمو على الرغم من المعوقات الدولية».

وفي واشنطن، قال مسؤول أميركي بارز - طلب عدم ذكر اسمه - «إنه من غير المألوف بالنسبة لبعض المطلعين في الحكومة تحديد كيفية الاستفادة في الدول التي يجري فرض العقوبات ضدها». لكن الحكومة الإيرانية تشعر بالقلق بصورة واضحة بشأن احتمالية فرض عقوبات جديدة، وأشار إلى الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تقوم بها لتفادي هذه العقوبات. ويتوجب على فيلق حرس الثورة الإسلامية، الذي تم إنشاؤه بهدف حماية النظام الإسلامي في إيران، استخدام قدراته في وقت السلم لتحقيق التقدم في البلاد، حسبما ذكر قادة الفيلق. وفي ظل قيادة الرئيس محمود أحمدي نجاد، زاد الحرس الثوري من أنشطته التجارية بصورة كبيرة.

ومن خلال ذراع قطاع الإنشاء التابعة له، يدير الحرس الثوري مطار طهران الدولي، وينشئ الطرق السريعة في البلاد وأنظمة الاتصالات. كما يدير نشاط تصنيع الأسلحة في إيران، بما في ذلك برنامج الصواريخ المثيرة للجدل.

وينظر قادة إيران إلى مشاركة الحرس الثوري في صناعة النفط على أنه أمر طبيعي، ويقولون: إن هذا الفيلق يساعد فقط في تنمية الدولة التي تعاني العقوبات. وتعمل ذراع الإنشاء في الحرس الثوري كشركة تجارية، لكن من غير الواضح كيف تتم معالجة إيرادات هذه الشركة. ويقول القادة العسكريون: إن دخل الحرس الثوري يتم تحويله إلى الخزانة الوطنية، لكن لا توجد سجلات عامة تذكر المبالغ بالتفصيل.

وتواجه شركات النفط الغربية - التي لا تزال تحاول التعاون مع إيران - قرارات قاسية. ومنحت إيران في الفترة الأخيرة شركة «شل» هولندية الملكية وشركة «ريبسول» الإسبانية أسبوعا؛ لإنهاء صفقة تسمح لهما بتطوير أجزاء في حقل غاز فارس أو الانسحاب من المشروع. وأجلت إيران كذلك صفقة قيمتها 7 مليارات دولار مع «الشركة التركية الدولية للبترول»؛ لتطوير جزء آخر من حقل جنوب فارس بعدما أخفق الأتراك في الالتزام به. وتتفاوض وزارة البترول الإيرانية مع تحالف محلي مؤلف بصورة أساسية من شركات تابعة للحرس الثوري، حسبما ذكر موقع «أفتاب نيوز» على الإنترنت. ولم تتقدم أية أطراف أخرى بعروض في عقود تطوير الحقل، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى أنه لا توجد أية شركات محلية قادرة على التعامل مع هذا المشروع الضخم. ويتباهى الحرس الثوري، الذي يعد الذراع التابعة لها شركة «خاتم الأنبياء» أكبر مقاول إنشاء في البلاد، بصورة علنية بتجربته المتنامية في مشروعات النفط العملاقة. وصرح القائد العسكري البارز، يد الله جواني، لوكالة «العمل» للأنباء شبه الرسمية: «اليوم، يفتخر الحرس الثوري بأن لديه مثل هذه المعرفة والقدرة التي نستطيع - وفقا لها - أن نحل محل الشركات الأجنبية بسهولة، مثل شركة (توتال) وشركة (شل) - في القيام بالمشروعات الضخمة في عسلوية».

ويقول محللون غربيون: إن الحرس الثوري يتعاقد من الباطن مع شركات أجنبية، معظمها من الصين، لتنفيذ الأعمال الأكثر تعقيدا في المشروعات الرئيسية.

* شاركت في هذا التقرير المراسلة الخاصة كي أرمين سرجوي في طهران والكاتبة ماري بيث شريدان في واشنطن

*خدمة «واشنطن بوست»