وما أدراك ما الكايمن؟!

TT

جزر الكايمن هي جزر ببحر الكاريبي، عرفت أنها ملاذ آمن للشركات غير الخاضعة للضرائب، ومقار للبنوك والحسابات التي ترغب في أن تكون بعيدة عن أعين الرقابة والملاحقة والقوانين الصارمة؛ وبالتالي تحولت مع الوقت إلى مستقر لأرصدة رجال الأعمال وأشباه رجال الأعمال والأشقياء.

وهي اليوم خامس أكبر مركز مصرفي في العالم، بتداولات خصومية تبلغ قيمتها 1.5 تريليون دولار أميركي، وهناك 279 بنكا (بحسب إحصائيات عام 2008) فقط 19 منها لديها حق الممارسة داخل جزر الكايمن، والباقي تمارس «الصيرفة» دوليا. هذه الجزر وضعت تحت القائمة السوداء كنظام مصرفي عام 2000؛ نظرا لتساهلها في قضية غسل الأموال، وكذلك هددت من قبل الدول الاقتصادية الكبرى المعروفة بالـ OECD بأن توضع على قائمتها السوداء هي الأخرى، بل إن باراك أوباما في خطاب له في 4 مايو (أيار) 2009 أشار لجزر الكايمن تحديدا على أنها موقع للهاربين من الضرائب؛ مما أربك الجزر واضطرت في اليوم التالي إلى أن توجه خطابا توضح فيه التزامها بتحسين مناخها الاقتصادي، والتزامها بمكافحة غسيل الأموال وتطبيق القوانين الدولية الصارمة.

معلومة صغيرة: عدد سكان هذه الجزر هو 56 ألف نسمة فقط، ولكم أن تتخيلوا حجم الاستفادة لسكان الجزيرة من التواجد المالي «المريب»، هذا وسكانها بحسب الإحصاءات الدولية يحتلون مراتب جيدة في قائمة الدول الأفضل دخلا، فالموضوع حتما نسبي.

ما علاقة كل هذا بالعالم العربي؟.. صبر جميل والله المستعان.

تنظر محاكم الكايمن في قضية مالية كبرى ومعقدة طرفها الرئيسي رجل أعمال تم الحجز على أصول له هناك، وقدمت آلاف الوثائق تؤكد تزويره لتواقيع الناس، الذين قال إنهم خولوه إجراء العمليات المالية المشبوهة، وهؤلاء الناس منهم من توفاه الله، ومنهم من كان عاجزا عن الحركة والكلام! ولا تقتصر هذه التهم والوثائق على ذلك فحسب، ولكن البنك المركزي البحريني يقدم أدلة خطيرة تتهمه بالتورط ماليا في قضايا غسل الأموال. الكايمن اليوم تواجه محكا دوليا مهما يتمثل في أهمية المحافظة على سمعتها المضطربة ماليا، والوقوف بحزم أمام التجاوزات والمخالفات والجرائم الخطيرة. ما يحدث بالكايمن وتداعياته القانونية مهم جدا، وسيكون سابقة قانونية مهمة تؤكد فيها عولمة الجرائم الاقتصادية والمالية، وأن الضرر الذي يلحق بالمنظومة الاقتصادية المالية الدولية يجب أن يوقف، وأن يعاقب صاحبه مهما كان مصدره، فهو سرطان لابد أن يكافح؛ لأن السكوت عليه سيساعده على الانتشار والتوسع، وبالتالي لا يهم أين موقعه ومكان سيادته، فهذه تفاصيل تقنية لا يجب أن تتعارض مع الهدف الأهم والأسمى، وهو القضاء على هذه الجريمة الكبرى. العالم الاقتصادي سيراقب بدقـة وقــوة واهتمام حـراك جــزر الـCAY-MAAN، وتعاملها مع الأدلة والبراهين والوثائق والشهود الآتية، وهذا سيكون خطوة مهمة جدا لإعادة الأمور لنصابها، وإصلاح خطأ جسيم، والاستفاقة من كذبة كبرى ووهم هائل. اليوم، الكايمن تقع تحت ضغوطات دولية للكشف عن التلاعب والجرائم التي كانت ترتكب في مصارفها، وهي خطوة شجاعة لو تمت بالفعل - تماما كما قامت بعمله مملكة البحرين عبر جهازها الشجاع المتمثل في البنك المركزي والنائب العام.

[email protected]