أفغانستان تثمّن شراكتها مع الولايات المتحدة

TT

قبل نحو تسعة أعوام، قتل إرهابيون الآلاف من المدنيين ودمروا رموزا بارزة تدل على التقدم والرخاء الأميركي. وقبل ذلك، قام نفس الإرهابيين باحتجاز رهائن أفغانيين، وقتلوا وعذبوا شعبنا لأعوام. وقد أدت هذه الظروف الفظيعة إلى شراكة بين بلدينا. وكما هو الحال مع أي شراكة حقيقية، لم يكن ذلك بالشيء السهل. وكان لنا نصيبنا من الاختلاف بخصوص بعض القضايا والمواقف. والشيء الذي أبقانا معاً هو رؤية استراتيجية جوهرية تتعلق بأفغانستان، فالسلام والاستقرار داخلها يضمن أمن الشعبين الأفغاني والأميركي على السواء. وقد أثمرت التضحيات الكثيرة التي قدمها الأفغان والأميركيون إنجازات رائعة. ونعبّر عن شكرنا للإسهامات الأميركية، وسنبقى دوما نتذكر إصراركم على الوقوف إلى جانبنا. والآن، وخلال زيارتي إلى واشنطن الأسبوع الحالي، آمل أن أنقل خالص التعازي لعائلات الأفراد الذين ماتوا داخل أفغانستان.

عندما بدأت ولايتي الثانية في منصب الرئيس، قدّمت تصورا حول قيادة الدولة الأفغانية وحصول السيادة، وتصورا شاملا عن توفير الأمن والحكم والعدالة والتعليم والصحة والفرص الاقتصادية. وأعرف أن الرئيس أوباما لديه التصور نفسه. ويعتمد نجاحنا المشترك في محاربة الإرهاب وتحسين الوضع الأمني على بناء مؤسسات لتمكين الدولة من توصيل الخدمات اللازمة وتوفير الحماية لشعبها. ولدينا الشجاعة والرغبة في تولي مسؤولية توفير الأمن وإدارة الحكم داخل أفغانستان. ومن أجل الوصول إلى ذلك، من المهم تنظيم القوات الأمنية الأفغانية في مؤسسات وتجهيزها بالأدوات الضرورية المستدامة. ويقوم المجتمع الدولي بذلك، وتتولى الولايات المتحدة الدور الأكبر، ومع ذلك هناك حاجة إلى المزيد من الدعم.وكما قلت في خطاب تنصيبي في نوفمبر (تشرين الثاني) ومرة أخرى في مؤتمر لندن في يناير (كانون الثاني)، أضع الحكم الجيد واستئصال الفساد على رأس أولويات حكومتي. وأخيرا، حققنا تقدما منهجيا عن طريق بدء سياسة للحكم المحلي تعطي سلطات أكبر في مجال التنفيذ لمسؤولين بالمناطق والمحافظات. كما أصدرت قرارا يمنح سلطات غير مسبوقة للمكتب الأعلى للرقابة ومكافحة الفساد للتحقيق في قضايا داخل الحكومة، ونحن مصرون على بذل المزيد. وفي سبتمبر (أيلول)، ستعقد أفغانستان انتخاباتها البرلمانية الثانية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. وبينما أكتب هذا المقال، يسجل الآلاف من الأفغان، بينهم عدد كبير من النساء، أسماءهم للمشاركة في الانتخابات. إنّ نظامنا الديمقراطي يوطد أركانه باطراد، وشعبنا حريص على حماية الإنجازات الديمقراطية.

وفي الوقت الذي نستمر فيه في محاربة الإرهاب للمساعدة على إنهاء أعمال العنف داخل بلادنا وضمان العودة الآمنة لأبنائكم وبناتكم، تعقد حكومتي مجلس «جيرغا» الاستشاري لتناول السلام، وهو منتدى تاريخي خاص بالشعب الأفغاني، بهدف الوصول إلى طريقة نتواصل من خلالها مع مَن حاربوا ضدنا. وسوف يتناقش 1500 ممثل للشعب الأفغاني، ويقدمون استشارات حول المصالحة وإعادة الاندماج. وأؤكد على أن أيدينا ممدودة لمن لا يمثلون جزءا من تنظيم القاعدة أو أي شبكة إرهابية أخرى، الذين ينبذون العنف ويعودون إلى الحياة الطبيعية ويحترمون الدستور الأفغاني. ونعترف أننا في حاجة إلى بذل المزيد من أجل استئصال الإرهاب، ومن أجل إنجاح مصالحتنا وخطة إعادة الاندماج. ويعد التعاون المخلص والفعال إقليميا المدعوم من حلفائنا أفضل ضمان للنجاح في ذلك.

ويثمن الشعب الأفغاني كثيرا الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، ويريد أن يعززها. وقد قطعنا شوطا كبيرا معا، ولكن لا يزال أمام الجهد الدولي داخل أفغانستان أميال عليه أن يقطعها، فنحن لا نقدّم الأمن داخل أجزاء كثيرة من البلاد. وقد أشرت بصورة مستمرة إلى أهمية التعامل مع مشكلة الملاذات وأماكن التدريب وصور الدعم المختلفة التي يستفيد منها الإرهابيون خارج حدود أفغانستان. ولم يتم حل هذه المشكلة حتى الآن. وسيساعد أيضا على تحقيق النجاح إنهاء الغارات الليلية ومداهمة المنازل، مع نقل السيطرة على منشآت الاعتقال على أراضينا لأفغانيين، علما بأن الإصابات بين المدنيين تضر قضيتنا. وقد بذلت قيادة الجنرال ماكريستال كثيرا من الجهود لمعالجة هذه القضية، ولكن هناك حاجة إلى بذل المزيد.

ونحتاج إلى تنسيق الجهد الدولي بدرجة أكبر، في الوقت الذي نسعى فيه من أجل بناء مؤسسات أفغانية ذات كفاءة، ومن المهم إزالة الهياكل الموازية التي تقوّض من سلطة حكومتنا، ومن الضروري معالجة الفساد والإسراف في آليات التسليم، ومن بينها نظم التعاقدات. ويمثل قرار الرئيس أوباما نقل المزيد من الأموال من خلال الحكومة الأفغانية خطوة جيدة.

سيحدد النجاح في أفغانستان مجرى هذا القرن، والأفغانيون شعب يقر بالجميل. وبمجرد أن نقف على قدمينا، يمكن أن يعتمد شركاؤنا على التزامنا بالوقوف كتفا إلى كتف. وسنحتاج إلى المزيد من الصبر والمزيد من التضحيات لضمان أن الإرهابيين لا يمثلون تهديدا لأمننا المشترك. وأمامنا عمل جاد وضروري، وأنا مصرّ على المضي قدما في هذا الصدد. وأتذكر يوميا روبرت فروست يقول: «الغابة جميلة ومظلمة وعميقة، ولدي وعود يجب الحفاظ عليها، وأميال يجب قطعها قبل أن أنام، وأميال يجب قطعها بعد أن أنام».

* رئيس أفغانستان