الرجل «الصياد» والمرأة «الغواية»!

TT

كأن الرجل جاء من كوكب الزهرة، لذا فهو سام، عاصف، وملتهب كالسحب التي تغطي كوكبه، وكأن المرأة جاءت من كوكب نبتون مدثرة بسحب وغازات تمنع رؤيتها، وتزيدها غموضا، إذ ليس ثمة مبرر لمحترفي إرباك العلاقة بين الجنسين إلا أن يكونا - الرجل والمرأة - قادمين من كوكبين مختلفين، متعارضين، ومتضادين في كل الخصائص والطباع، الأمر الذي دفع بحالات التوتر إلى الانتقال إلى تخوم العالم الافتراضي، فها نحن نقرأ عن بعض رسائل الاعتراض على موقع «سعوديون في أميركا» من مبتعثات سعوديات، يطالبن الموقع بتطبيق مبدأ الفصل الإلكتروني بين الجنسين، وعزلهن عن زملائهن المبتعثين في صفحة المجموعة على موقع «فيس بوك»، رغم أن باعثات تلك الرسائل - بحسب صحيفة «الوطن» - طالبات يدرسن في قاعات وجامعات أميركية مختلطة جنبا إلى جنب مع الرجال!

ويمكن القول إن العلاقة بين الجنسين - لدى البعض - غدت موحشة،، متوترة، ولا معقولة بفعل الإرباك الذهني الذي يعيشه الجنسان، فالمرأة منذ سنوات تتعرض لـ«تسونامي» الجدل الحاد الذي يدور حولها، والذي يحاصرها عبر القنوات الفضائية، ومنتديات الإنترنت، والبريد الإلكتروني، والصحف، ورسائل الهاتف الجوال، وغيرها من وسائل العصر، ولم تزل - في الغالب - على مقاعد «المتفرجين» في انتظار ما يسفر عنه الجدل الذكوري حول مسائل وقضايا تتعلق بمصيرها، وترتبط بحياتها وشؤونها، وتمتد حالة الإرباك إلى الرجل الذي هو أيضا ضحية صور خاطئة، ومظلمة، ومتشنجة، يتلقاها عن المرأة من مصادر تستهدف خلق نظرة استعلاء على المرأة مصحوبة بحالة من الارتياب تجاهها، ونجحت هذه المصادر بالفعل في إفساد علاقة البعض بالمرأة.

حالة الإرباك هذه تضع على كاهل العقلاء مسؤولية إزالة الحواجز النفسية والعقلية التي حالت دون رؤية بينية عقلانية، وناضجة، وملتزمة، إذ ليس من مصلحة الحياة تلك الصورة الموغلة في التوحش التي يرسمها البعض للرجل كصياد انتهازي، وأن علاقته بالمرأة محصورة في شقها الغريزي، أو تلك الصورة المشوهة للمرأة حينما يصورها البعض على نحو مخل، فيجعلها أساسا لكل غواية.

وأخيرا يمكن القول: إن العالم ليس رجلا، وكذلك ليس امرأة، ولكنه امرأة ورجل أسهما في استمرار هذا العالم الإنساني الجميل الذي نوشك أن نفقده عقله.