الوهم على الحدود

TT

الفكرة التي تقول إن الشيء الأول الذي ينبغي فعله هو «تأمين الحدود» بين الولايات المتحدة والمكسيك - ثم بعد ذلك لا تقلق سوى على الإصلاح الشامل المتعلق بالهجرة - تسقط في مكان ما بين الخيال المفعم بالأمل والتهرب الساخر من المسؤولية. إنها سيطرة جيدة وسليمة، لكنها ستكون سياسة سخيفة. ومع ذلك، فالتحليل القائم على الحقائق غير شائع بصورة كبيرة، لذا فقد أصبح الوهم على الحدود شائعا بين السياسيين والخبراء في سياق رد الفعل الخاص بهم على القانون الجديد «اللاتيني». ويأمر هذا التشريع، الذي أثار الاحتجاجات الغاضبة في جميع أنحاء البلاد، الشرطة بأن تبني تحركها على «الشك المعقول» في تعريف المهاجرين غير الشرعيين وإلقاء القبض عليهم وحبسهم.

وأي فرد يعتقد أنه من الممكن قمع هذا التطرف إذا ما قامت الحكومة الفيدرالية فقط «بتأمين الحدود» فيجب عليها حقا أن يزور ولاية أريزونا ويلقي نظرة، أو على الأقل يلقي نظرة على الخريطة، أو حتى يقرأ عن ما يحدث على الحدود، التي، وفقا لعمدة مقاطعة بيما، كلارينس دوبنيك، «لم تكن أكثر أمانا قط». وانخفض عبور المهاجرين غير الشرعيين للحدود إلى حد كبير على مدار العقد الماضي. وفي ظل نشاط مزيد من الدوريات الحدودية أكثر من ذي قبل، فإن المخاوف من عبور المهاجرين الحدود، التي يبلغ طولها 2000 ميل، انخفضت من أعلى حد لها من 1.8 مليون عام 2000 إلى 556 ألف عام 2009. وقد يرجع جزء من هذا الانخفاض إلى وجود إجراءات أكثر صرامة على الحدود، لكن ضعف الاقتصاد الأميركي قد يكون أيضا أحد العوامل.

وصرح روي برموديز، مساعد رئيس الشرطة في مدينة نوغاليس الحدودية، لصحيفة «أريزونا ريبابليك»: «لم نشاهد والحمد لله أي انتشار للعنف من المكسيك». واستشهدت الصحيفة بأرقام من تقارير الجريمة التي يصدرها مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالات الشرطة المحلية، وقالت إن «معدلات الجريمة على الحدود كانت ثابتة على مدار العقد الماضي». وانخفض معدل جرائم العنف في جميع أنحاء الولاية، كما انخفض كذلك في جميع أنحاء البلاد.

وفي نوغاليس، أكثر المعابر ازدحاما في أريزونا، يوجد بالفعل سياج كبير يتعذر اجتيازه، ويعج المكان برجال حرس الحدود ورجال الشرطة. ومعظم الأفراد الذين يعبرون الحدود بصورة غير شرعية يفعلون ذلك في المناطق النائية، حيث يتعين عليهم السير لأميال كثيرة عبر صحراء جرداء ومحرقة. ويعثر المهاجرون غير الشرعيين بالفعل على طرق للتغلب على العقبات الشاقة التي قد تكون قاتلة، وسيحتاج الأمر أكثر من التصريحات من أجل جعل الحدود حقا «آمنة».

ولم تنجح أي محاولة لتصميم سور «افتراضي» يعتمد على التكنولوجيا الفائقة باستخدام أجهزة استشعار وكاميرات مراقبة. ولم تكن هذه الأجهزة، حتى الآن، قادرة على تمييز الناس في الحياة البرية. وحتى لو كان هناك نظام يستطيع تحذير السلطات عندما يدخل أي مهاجر غير شرعي إلى الأراضي الأميركية، فكيف ستعثر عليه السلطات في هذه الصحراء الشاسعة؟

سيكون من الممكن بناء جدار مثل جدار برلين بطول 2000 ميل، ونشر أبراج المراقبة عليه. لكن سيكون ذلك أمرا سخيفا، وسيؤدي إلى نتائج عكسية. إن العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك مهمة للغاية، من الناحيتين الاقتصادية والسياسية، ويجب أن تكون الحدود قابلة للنفاذ بصورة كافية للسماح بعبور السلع والأفراد بصورة شرعية.

وفي يوم الاثنين الماضي، قال لي عمدة مدينة فينيكس، فيل غوردن، الذي يسعى إلى الحصول على الموافقة لمقاضاة الولاية من أجل إلغاء القانون الجديد، إن الحل الوحيد هو الإصلاح الشامل الذي يقدم طريقة للحصول على الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين المستقرين هنا بالفعل، ويقدم كذلك سبيلا قانونيا للعمالة المؤقتة وحصصا أكبر للمكسيكيين الذي يريدون الهجرة بصورة دائمة.

الحل ليس بناء جدار أكبر، وبكل تأكيد ليس هو القانون الجديد المخجل في ولاية أريزونا، الذي، حسبما قال غوردن، «لا يفعل شيئا سوى جعل مدينتنا أقل أمنا».

* خدمة «واشنطن بوست»