أوان الوقت

TT

توقفت صحيفة «أوان» الكويتية برسالة شديدة الاقتضاب من رئيس تحريرها الدكتور محمد الرميحي يعزو فيه الإغلاق إلى أسباب اقتصادية. ومع الأسف لما حدث، فإن إيجابية الغياب في أن الدكتور الرميحي سوف يعود إلى الكتابة الأسبوعية في الصحافة العربية، حيث كان له موقع وصار له افتقاد. وعندما بدأ الصديق الكريم مشروعه، تمنيت عليه ألا يتوقف عن الكتابة في الخارج، لأن الكتاب الذين ينقلون قناعات الكويت والخليج إلى باقي العرب، بعقل واتزان، قليلون. وأيضا لأن عدد الصحف في الكويت، مثل أعداد كتابها، أكثر مما هو منطقي. 

في هذه الفترة أيضا توقفت في البحرين صحيفة «الوقت». إليكم بعض ما في الرسالة الحزينة التي وجهها رئيس التحرير، الأستاذ إبراهيم بشمي: «حاولنا، أن تكون لنا استقلاليتنا. حولنا احترام حق جميع الناس في التعبير، وفتحنا صفحات الجريدة لكل الآراء، بالمساواة والتسامح. لا أحد في هذا البلد، أو هذا الوطن، يريد أن تستمر جريدة وطنية مستقلة مهنية». 

كم يعبر هذا الشرح عن واقع قائم من موريتانيا إلى عكا. يقول إبراهيم بشمي «تحولت الصحف إلى أحزاب». والحقيقة أن الأحزاب هي التي تحولت إلى صحف، بعدما تحول الناس إلى غضبة ومتحاقدين ومنغلقين على الجار الذي إلى جانبهم أو قبالتهم. لقد توقف العرب عن إلقاء التحية على بعضهم بعضا، ولم يعودوا يؤاجرون وحولوا أعراسهم إلى احتفالات بلا أصدقاء.

ولا أريد أن ادعي المعرفة. لكن عندما كتب الرميحي في العدد الأول أن الهدف هو تدريب جيل كويتي مهني، قلت له فات زمن النقش في الحجر. الكويتي يولد كاتبا ويستحيل إقناعه بالمرور في العمل الصحفي أولا. إنه يشعر بأن العمل نفسه إهانة لإمكانياته وتبطيء لحماسته إلى الاعتراض وتأخير لرغبته في إنقاذ الكويت ومعها الأمة.  ولا أريد أن ادعي معرفة ولا تبصرا. لكنني قلت للعزيز إبراهيم بشمي: أنت كاتب لك نكهات خليجية خاصة. وصاحب زاوية جذابة، وهذا أمر صعب ونادر، وصاحب قدرة واضحة على خلط التراث الخليجي بالمرحلة الحالية وشؤونها. فلماذا لا تستمر في هذا المنحى المتفرد؟ وقلت له: زمن الصحف الموضوعية قد انتهى. أكثرية الناس تصفق للقتل وتهزج للحروب. سوف تخسر وقتك وأموال مساهميك. 

الإيجابية الوحيدة في غياب صحيفة هادئة مثل «الوقت»، هي في عودة إبراهيم بشمي إلى بستان النخيل الذي كان يقطف منه كل يوم، بصرف النظر عن موعد المواسم، رطبا طيبة وبلحا صالحا للتعتيق. وأسفا لغياب الجريدتين وأهلا لعودة الزميلين.