ضجة اسمها «رحيلا»

TT

عودتنا بعض القنوات العربية منذ فترة على لقاء شخصيات إسرائيلية في برامج إخبارية سياسية، وتباينت ردود فعل المتلقين في بداية الأمر، بين من اعتبر ذلك نوعا من التطبيع الإعلامي، ومن ارتأى أنها ضرورة عصرية لمعرفة الآخر. وتثار هذه الأيام ضجة إعلامية مرتبطة بإجراء إحدى القنوات الخليجية لقاء مع المطربة الإسرائيلية رحيلا، التي قدمت نفسها عبر القناة على أنها مطربة أميركية، تعيش في جنوب سيناء، وتغنّي الأغاني الخليجية لفنانين خليجيين أمثال محمد عبده وخالد عبد الرحمن وغيرهما، وعلل المذيع الذي أجرى المقابلة بأنه لا يعلم حتى وقت إجراء الحوار بأنها إسرائيلية، وقال لصحيفة «عناوين» الإلكترونية: «لو كنت أعلم، لكنت استدرجتها ووضعتها في زاوية متهما إياها بأنها اختراق أمني ولكن من بوابة الفن، ولكانت الحلقة ستكون أقوى وأكثر سخونة. كيف يمكن أن تحب الشعر والإيقاع الخليجي وفي الوقت نفسه تحب شرب الدماء الفلسطينية؟ ليتني كنت أعلم ذلك. كنت سأخنقها بأسئلتي».

ومن أسباب الدهشة في هذه القضية قدرة «رحيلا» على إخفاء جزء من هويتها الحقيقية زمنا، استطاعت خلاله أن تخترق أذن المستمع العربي عبر أغنيات خليجية أليفة مع وجدانه مثل: «هلا بالطيب الغالي»، و«بشروني عنك»، و«تذكار»، و«يا غايب عنّي»، وغيرها، فأغنياتها منتشرة على «اليوتيوب»، ومتداولة عربيا بشكل متزايد بين الشباب، وامتدت دهشة جرأتها على الظهور في قناة خليجية إلى المجتمع الإسرائيلي ذاته، فسارعت إحدى القنوات الإسرائيلية إلى إجراء مقابلة تلفزيونية معها بعد عودتها إلى إسرائيل، وطرح الأسئلة التي تمنى الكثيرون طرحها مثل:

ـ «من أنت؟ تغني بالعربي وتسكنين في إسرائيل»؟

ـ «هل يعلم العرب أن جزءا منك إسرائيلي»؟

ولست ممن يلوم المذيع أو القناة على إجراء مثل هذا الحوار، فليس من المعتاد أن تتحول القنوات الفضائية إلى دوائر أحوال مدنية، تسأل عن الأصل، والمنشأ، والولادة، وشجرة النسب، وختم العمدة أو شيخ القبيلة لكل من تلتقي به، ففي هذا الزمن الذي غدا الكثيرون يحملون فيه هويات مزدوجة، أو عدة هويات، يصبح من الصعب تصنيف الناس على نحو دقيق.

وأخيرا: قد يجد أنصار نظرية «الفن لا وطن له» في انتشار المطربة رحيلا عربيا أمرا عاديا، وقد يجد الآخرون فيه اختراقا أمنيا وفنيا، وفي النهاية: «كل بعقله يعيش».

[email protected]