«الإرهابيون» الجدد.. موضة!

TT

للوهلة الأولى، بدت صورته التي دأبت وسائل الإعلام على بثها صورة متقنة بنفس جودة اللقطات الدعائية. كان ذلك قبل أن نتحقق من أن تلك الملامح تعود إلى المسؤول عن تفخيخ سيارة في ساحة تايمز في نيويورك، الأميركي الباكستاني فيصل شاه زاد.

صورة هذا الشاب الباكستاني بدت فيها سحنته السمراء وابتسامته ونظارته الشمسية أقرب إلى ملامح أي شاب عصري قد يبدو ملائما لتمثيل دور في إعلان تجاري ما.. لكن الحقيقة، أو ما ثبت على الأقل أن هذا الشاب الكشميري الجذور هو اليوم نموذج آخر مما بات يعرف بالجيل الثالث لتنظيم القاعدة.

ما رشح عن شاه زاد يثبت سمات شريحة من الجهاديين بدأوا يتزايدون في الآونة الأخيرة، شاب ناجح ومتعلم ومن عائلة ميسورة وأمضى أعواما في الغرب وعلى تماس ومعرفة وثيقة بوسائل التواصل الحديثة.

وبحسب ما تسرب عن التحقيقات، فقد أقر شاه زاد بأنه مواظب على متابعة خطب وأحاديث الشيخ الأميركي من أصل يمني والمتواري في اليمن أنور العولقي. التحقيقات اليوم ترتكز على ما إذا كان شاه زاد قد التقى العولقي في اليمن وما إذا كان أحد أتباعه الذين يتواصلون معه عبر الإنترنت. والعولقي هذا أمضى أكثر من نصف عمره في الولايات المتحدة، ويعتقد أنه كان المرشد الروحي لاثنين من منفذي هجمات سبتمبر (أيلول). والمستمع لخطب العولقي عبر الإنترنت سيلمس سريعا قدرة هذا الرجل على التواصل الواسع مع مريديه عبر الإنترنت. ويستغل هذا الشيخ الصاعد النجومية في أوساط الجهاديين الجدد طلاقته في اللغتين الإنجليزية والعربية لبث خطب ورسائل تتفاوت مواضيعها ما بين الصلاة والجهاد ضد أميركا إلى الزواج وعاديات الحياة وموقفه من الموت وفلسفته، مقاربا الأمر أحيانا من خلال استعادة حكاية مغني البوب الأميركي الشهير الراحل مايكل جاكسون.

خطب العولقي العديدة على «يوتيوب» مثلا، تضم آلاف الزوار يتفاوت عددهم بحسب الموضوع. وعلى الرغم من سحنته وهيئته المحلية اليمنية، فإن للعولقي تقنيات تواصل غربية صرفة من حيث اختيار التعابير وطريقة مقاربة الموضوع وتقديم نماذج معاصرة للقضايا التي يريد أن يقاربها ولكن بمضمون إسلامي «قاعدي»..

يبدو أن العولقي بات «موديلا» أو نموذجا، تماما كما هو مايكل جاكسون موديل رائج في ميدان الغناء. وهذه المقارنة هي محاولة لاختبار فكرة سبق أن طرحت بتردد، وهي أن الإرهاب بات موضة لها نجومها ومريدوها، وهي موضة تتبدل وتجدد شخصياتها، ويمكن لجيل في الغرب يحمل خصوصيات قليلة الاختلاف عن غيره أن يعتمدها. فقد أصبحنا حيال الإرهابي الغربي من أصول إسلامية، فهو ابن ثقافة غربية وابن هامش غربي، لكن بمضمون إسلامي.

يثبت فيصل شاه زاد ومن سبقوه، مثل نضال حسن وهمام البلوي وعمر الفاروق وآخرون، ملمحا جديدا لجهاديين يعاد تكوينهم عبر فضاءات الإنترنت. إنهم جيل إسلامي يشكل «حداثة جهادية» يسمح لها فضاء الإنترنت بتناقل الخبرات والمهارات، والقتل والموت بصورة فورية..

diana@ asharqalawsat.com