دبلوماسية الرؤيا

TT

عندما نشاهد، على شاشات التلفزيون، بالألوان وبالبعد الثالث، صور تظاهرات في باكستان تؤيد المناضل المشتبه بالإعداد لتفجير «تايمز سكوير»، ماذا يخطر لجنابك؟ لا أدري. أما أنا، فيخطر لي أن أرفع كتاب تقدير وإعجاب إلى الدبلوماسية الأميركية العبقرية. يا للفكر العظيم! يا لبعد النظر!

منذ 50 عاما وأميركا تعتمد على باكستان ركنا من أركان استراتيجيتها في آسيا. وفي مرحلة كان حليفها الأول طالبان ونظرياته حول سلام العالم وسكينة البشر والتسامح بين الأمم. مدت واشنطن عسكر باكستان بكل ما تستطيع وكل ما يريدون، ومدوها بالملا عمر. ويوفد الملا عمر مبعوثيه الآن، مرة نيجيرياً على طائرة إلى ديترويت، ومرة باكستانياً من أهل البلد. وأقصد بالبلد أميركا.

لا يفوق الدبلوماسية الأميركية مهارة وبراعة في اختيار الحلفاء والأصدقاء إلا العرب. من أجل الوصول إلى فلسطين اتكلنا على مساعي نيكولاي تشاوشسكو وصداقته. وناصبنا ألمانيا الغربية العداء ووقفنا مع ألمانيا الشرقية. علما أن الأولى هي التي مولت، «بالتعويضات» قيام إسرائيل.

وقبلها وقفنا مع هتلر بحجة أنه يقاتل الإنجليز. وأتساءل الآن، بسذاجة طبعا، هل لولا هتلر قامت إسرائيل؟ هل كان اليهود سوف يتركون برلين وميونيخ وباريس، لإقامة المستعمرات في النقب؟ ربما. الحركة الصهيونية قامت قبل هتلر بزمن. لكن، هل كانوا سيتركون برلين وميونيخ وفيينا وأموال أوروبا، بهذه الأعداد، لولا النازية؟

في أي حال، أنا معجب بعبقرية الدبلوماسية الأميركية. باكستان أفغانستان العراق كل مكان. وأجمل ما في هذه الدبلوماسية انتخاباتها، حيث يمدد للسيد كرزاي في كابل، وينهمك السيد المالكي حتى اللحظة، بكل قواه، في فرز وإعادة فرز وإعادة تصحيح نتائج الاقتراع الديمقراطي. وإصغاء عاجل إلى الزعيم المالكي كافٍ لبسط فكرة الديمقراطية في أنحاء الأرض.