إيران مصدر المشكلات في المنطقه؟!

TT

التقيت صحافيا لبنانيا مخضرما خلال زيارتي الأخيرة للبنان سألني بعصبية غير معهودة: لماذا لم ترد صحفكم على من يهاجمكم ليل نهار ويدافع عن مواقفكم التي تعتبرونها مواقف حقة؟ قلت له: نعم.. ليس لدينا إعلام مثل إعلام مخالفينا الذين يهاجموننا ليل نهار ولا نصف ما لهم.

قال: لماذا لم ترد صحفكم على المسؤول العربي الذي ساوى بينكم وبين إسرائيل؟ قلت له: الحق معك.. لو كان لدينا إعلام بمستوى إعلام معارضينا لكنا نرد عليه ونذكره بمواقف إيران من إسرائيل ودفاعها عن العرب والفلسطينيين، ونذكره بمواقف إيران من الدولة العربية التي هاجمها صدام واحتل أراضيها وكانت أول من دافع عنها، وهي الآن مثلها مثل الدول الأخرى تهاجمنا صحفها ليل نهار.

رأيت الصحافي اللبناني منصفا خلافا لبعض إخواننا الصحافيين العرب الذين يغمضون أعينهم ويكتبون كل شيء ضد إيران، وكأن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أصبح العدو رقم واحد للعرب، أو كأنه أكثر عداء من نتنياهو للعرب، بينما مواقفه من إسرائيل واضحة وجلية وتتردد ليل نهار في وسائل الإعلام العالمية.

عجيب أمر البعض الذين يعتبرون جهود إيران للحصول على التقنية النووية موجهة ضد العرب كما تزعم وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية، وهذه الجهود يساوونها مع جهود إسرائيل في قمع الفلسطينيين ومواصلة بناء المستوطنات وإنكار حقهم في العيش عيشة كريمة، فإذا كانت جهود إيران للحصول على التقنية النووية أمر غير مرغوب فيه فلماذا يقوم إخواننا العرب بعقد اتفاقيات مع الغرب لبناء مفاعلات نووية بعشرات المليارات من الدولارات؟ أنتم تستنكرون فعلة إيران ولا تستنكرون رغبة الدول العربية لاقتناء التكنولوجيا النووية؟

لماذا ينكر العرب دور إيران في المنطقة ولا ينكرون دور تركيا؟ لماذا يعارضون مساعي إيران لبناء صناعة عسكرية لمواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية والعقوبات الاقتصادية التي يريد الغرب فرضها ولا يستنكرون جهود إسرائيل لبناء ترسانة نووية من أجل المواجهة مع العرب والمسلمين؟ ألم تطرح إيران في مؤتمراتها ضرورة أن يكون للوكالة الدولية للطاقة الذرية إشراف على برنامج إسرائيل النووي؟

هناك من يرى أن إيران تريد التوسع وزيادة نفوذها في المنطقة، وذلك بعد انتصار ثورتها، ولا يتحدث عن تركيا، وكأن تركيا لا تريد أن يكون لها دور في المنطقة ونرى العرب يرحبون بدورها في الوقت الذي يشجبون جهود إيران ليكون لها دور إقليمي. هل هو سياسة الكيل بمكيالين أم هناك أسباب أخرى؟

يتحدث إخواننا عن دور الحرس الثوري في إيران وأنه يدعم ويدرب ويسلح ميليشيات ومتمردين بهدف إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، بينما يتجاهلون الدور الأميركي والإسرائيلي في المنطقة، وخصوصا في العراق وأفغانستان ودعمهم الإرهابيين في دول المنطقة فلماذا يستنكرون ما تدعيه وسائل الإعلام الغربية حول الحرس الثوري دون التأكد من الخبر ولا يستنكرون دور الأميركان في المنطقة وكأنه حلال للأميركان وحرام لغيرهم.

يخشى إخواننا تقارير نشرها البنتاغون من أن طهران توشك أن تصبح قوة صاروخية باليستية في الشرق الأوسط، فما العيب في ذلك؟ أنتم تخافون أن تصبح إيران قوة صاروخية ولا تخشون من قوة إسرائيل الصاروخية. إنكم تخشون من أن تساعد إيران حزب الله، كما جاء في تقرير البنتاغون، كما تخشون من مناورات إيران البحرية في مضيق هرمز والخليج، ولكنكم ترحبون بمناورات الولايات المتحدة والغرب في المنطقة. هل حرام على إيران وحلال على غيرها؟

يخاف البعض من مساعدات إيران لحماس وحزب الله كما جاء في تقرير للبنتاغون الأميركي، ويرى أنها تهدد الأمن في المنطقة وتشجع إسرائيل على شن حرب جديدة في المنطقة، لكنه يعيب على القوة الجوية الإيرانية ويرى أنها ليست في مستوى قوات إيران البحرية، لأن الحروب الأخيرة تعتمد على الجو أكثر من الأرض. ويرى أن مناورات إيران الأخيرة ليست مرعبة ولا مرهبة.. الحمد الله الذي جعل بعضهم يعترف بأن المناورات الإيرانية لا ترهب أحدا.. إذن ما المشكل في ذلك؟

يقول صحافي عربي في مقال نشره مؤخرا إن هناك سيناريوهات تعد لإيران كما جرى للعراق قبل عام 2003 بكل تفاصيلها الدقيقة والعميقة، ويعتقد أن المنطقة تنتظر حربا جديدة على أرض الخليج ويقول: «في المرة الأولى بعثر صدام حسين المنطقة وزرع فيها ألغاما كثيرة، وفي هذه المرة يأتي دور نجاد مع عدم معرفته بقواعد اللعبة السياسية ليكمل الفصل الرابع من سيناريوهات حرب الخليج».

هنا نتساءل هل الحروب والكوارث والمشكلات في المنطقة تأتي كلها من وراء إيران وتصريحات الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، ضد إسرائيل ليخاف بعضهم من أن مواقف أحمدي نجاد ستثير حربا جديدة على المنطقة، أم أن من يثير الحروب في المنطقة ويعمل على إثارة الفوضى داخل دولها هو إسرائيل التي لا تزال العامل الرئيسي في استمرار التوتر، وهي لا ترضى بأي خطط وبرامج، سواء جاءت من الولايات المتحدة أم من غيرها وهي مصممة على تجاهل حق الفلسطينيين وعدم الرضوخ للمقترحات الأميركية التي تكرس الاحتلال، وهي تواصل بناء المستوطنات ولا أحد يمكنه لجم أهدافها وطموحاتها التوسعية في المنطقة؟

* كاتب وصحافي إيراني