إيران.. «إنها الغطرسة»

TT

مفيد أن نطلع على الطريقة التي تفكر بها النخب المحسوبة على النظام الإيراني، كيف تنظر لمنطقتنا، وقضايانا. وخير مثال هنا المقال المنشور في صحيفتنا أمس للكاتب والصحافي الإيراني شاكر كسرائي، الذي قدم وجهة نظر إيران بشكل متغطرس، ومنطق لا يستقيم.

فالكاتب يشكو من أن الإعلام الإيراني ليس بحجم إعلام «معارضيه» حيث يقول إن صوت إيران لم يكن مسموعا مثل الإعلام «المعارض» بعد تصريحات الشيخ عبد الله بن زايد التي قال فيها إن الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية مثل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، والفلسطينية بالطبع، وما فات على الكاتب والصحافي الإيراني التنبه له أن ما منح إعلامنا القوة هو المهنية والمصداقية، وكم أعجبني تعليق القارئ محمد أبو عزيز في موقع الصحيفة أمس حين كتب معلقا على مقال كسرائي: «وجدت متنفسا في جريدة عربية كبرى، في حين أن رئيس تحرير أصغر جريدة عربية مناوئة لسياستكم لا يمكنه التعبير في أهم جريدة إيرانية». وهذا صحيح؛ ففي إيران مذبحة صحف، ومعركة تكميم أفواه، والإشكالية ليست هذه فقط، بل في حجم الأكاذيب المختلقة التي يعج بها كثير من وسائل الإعلام الإيرانية، سواء ضد دولنا، أو ساستنا، أو حتى إعلامنا.

وتتجلى الغطرسة الإيرانية حين يقول الكاتب إن دول المنطقة تكيل بمكيالين حين تسمح لتركيا بأن تلعب دورا في المنطقة، بينما تنكر الدول العربية على إيران هذا الأمر، والحقيقة أن هذا منطق أعوج، فأولا، هل المنطقة أرض خراب، أو «حارة كل مين ايدو الو» كما يقال شعبيا؟ وثانيا، هل لعب الدور، أو توسيع النفوذ السياسي، يتم من خلال دعم واستغلال الميليشيات المسلحة لتقوض أمن دولها ومواطنيها، وتقوم بالعمالة لإيران تحت أسماء واهية ثبت زيفها، أم أن الكاتب الإيراني لم يستطع الإفصاح علنا عما يريد قوله، عندما يتحدث عن أن العرب يكيلون بمكيالين بالنسبة للدور التركي والإيراني في المنطقة؟ فربما يريد الكاتب الإيراني أن يعبر عن انزعاجه من التقارب التركي - السوري، على اعتبار أن طهران دائما ما تتحدث عن تحالفها الاستراتيجي مع دمشق، بينما سورية، اليوم، تتحدث أكثر عن تحالفها مع تركيا، وهو ما يتضح من تدفق السلع التركية والمشاريع إلى سورية، فهل هذا ما يزعج الكاتب الإيراني؟

أما مقارنة الملف النووي الإيراني برغبة دول المنطقة العربية بامتلاك التكنولوجيا النووية، وأن العرب ينكرون على إيران بناء الأسلحة ولا ينكرون ذلك على إسرائيل، فهو الغطرسة بعينها، فالدول العربية أعلنت أن برنامجها للطاقة سلمي، والأهم من الأقوال أن لدى تلك الدول العربية مصداقية وثقة دولية، لا يحظى بهما نظام طهران داخل إيران نفسها. كما أن الدول العربية تكافح وتجاهد ضد التسلح الإسرائيلي، بكل أنواعه، منذ عشرات السنين، وقبل أن يتذكر ملالي طهران أن هناك احتلالا إسرائيليا، يحاولون تسخيره لخدمة أجندتهم.

ولذا نقول إن ما قدمه الكاتب الإيراني يمثل رؤية إيرانية متغطرسة بمنطق معوج، ولكن من المهم معرفتها، والاطلاع عليها، ولو من باب «اعرف عدوك»!

[email protected]