هل انتهت الأزمة مع إيران؟

TT

لم يُطمئن الاتفاق المبرم أمس في طهران بين إيران وتركيا والبرازيل المجتمع الدولي بقدر ما أثار شكوكه؛ فالإعلان عن أن إيران تنوي إرسال 1200 كلغ من اليورانيوم الضعيف التخصيب إلى تركيا لتحصل في المقابل، في مهلة أقصاها سنة، على 120 كلغ من الوقود المخصب بنسبة 20% اللازم لتشغيل مفاعل الأبحاث النووية في طهران، أظهر أن حجم انعدام الثقة الدولية في النظام الإيراني كبير جداً.

الأمم المتحدة طالبت إيران بالالتزام بالقرارات الدولية، أميركا قالت «القلق مستمر»، أوروبا أعلنت أنه «لا يبدد كافة المخاوف»، فرنسا قالت «علينا ألا نخدع أنفسنا لأن حل مشكلة، في حال تم، لن يحل ملف برنامج إيران النووي». فالمطلوب هو أن يكون هناك اتفاق بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وليس اتفاقاً ثنائياً بين طهران وتركيا، أو البرازيل.

والأمر نفسه ينطبق على بريطانيا التي طالبت باستمرار العمل على استصدار عقوبات دولية جديدة، وألمانيا ذكرت بأن «المهم أن تتوصل إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى اتفاق»، والرئيس الروسي يقول ما زالت هناك أسئلة بشأن اتفاق مبادلة الوقود النووي.. والأمثلة كثيرة، وكلها تصب في أن هناك هوة كبيرة بين المجتمع الدولي وإيران، عنوانها انعدام الثقة في طهران، التي يبدو أنها تلعب لعبة إحراج للمجتمع الدولي، وهذا ما قد يفسر أن معظم الردود الدولية جاءت متشككة وممسكة للعصا من النصف، فلا يريد الغرب الانزلاق في الفخ الإيراني، فكما يقول أحد الدبلوماسيين الغربيين لوكالات الأنباء فإن «الاقتراح الإيراني لا يلبي تقنياً هدف عرض الوكالة..»، مقراً «بأن رفض الغربيين للاقتراح سيكون حساساً من الناحية السياسية لأنه موقع من قبل البرازيل وتركيا الدولتين النافذتين اللتين نجحت إيران في استمالتهما». وما يعزز ذلك هو قول المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أمس بأن «الكرة في ملعبهم»، أي المجتمع الدولي!

ولفهم لماذا تنعدم الثقة الدولية في طهران فلا بد أن نتذكر أن الإيرانيين ظلوا قرابة تسعة أشهر خارج نطاق مراقبة وكالة الطاقة الذرية، ولا أحد يعلم ما تم في تلك الفترة. ولذا يبدو أن الاتفاق المبرم في طهران أمس كان تكتيكياً، ولخدمة أهداف إيرانية، منها ضياع الوقت لتفويت فرصة فرض عقوبات جديدة، وشق صف المجتمع الدولي، ومحاولة للالتفاف على وكالة الطاقة الذرية.

والمفارقة هنا ليست في التشكيك الدولي حيال نوايا إيران، بل في أن هناك من يرى في الداخل الإيراني أن نظام طهران قد قدم تنازلات خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات، أو أكثر، فبحسب ما نقلته الوكالات عن محلل سياسي من إيران فإن «ظلال العقوبات وتجدد العزلة الدولية كانا أثقل في نهاية المطاف مما حاولت الحكومة الإيرانية عرضه في الداخل»، وهذا ما قد يفسر ورطة النظام الإيراني، بين خارج متشكك، وداخل ناقم.

عليه، فمن الصعب الوثوق بأن الاتفاق المبرم أمس في إيران هو بداية نهاية الأزمة، فلا بد من أن نتذكر دائماً أن لا حدود للتقية السياسية الإيرانية.

 

[email protected]