..والآن ملكة الجمال!

TT

ليس مهماً إذا كانت ملكة جمال أميركا ريما فقيه محسوبة على مدينة تابعة لحزب الله، أو على الحزب نفسه، وإن كان ذلك توجهاً جيداً عسى أن يجمل الوجه الحسن بعضاً من الصورة السيئة للحزب. لكن المهم هو ردود الفعل الاحتفائية في لبنان على تتويج حسنائهم ملكة لجمال أميركا، وبالتالي الحالة العربية المكتفية طويلا بالاحتفاء، بدلا من أن تسأل: لماذا يبدعون في الخارج، لا في الداخل؟

الصحافة اللبنانية، مثلا، احتفت بتتويج الحسناء وكتبت «ريما فقيه عكست للبنان صورة مضيئة في بلاد تسودها صورة قاتمة عن العرب عموماً». وقالت صحيفة أخرى «جميلة الأميركيات... اللبنانية... السمراء ذات الملامح العربية الواضحة»، بينما بادر الرئيس اللبناني إلى تهنئة الحسناء باللقب، واعتبر أن هذا التتويج «يعطي مرة جديدة صورة مشرقة عن التألق اللبناني في الخارج في شتى المجالات». والسؤال هنا: وأين هذه الصورة المشرقة في الداخل اللبناني نفسه؟

ولكي لا نكون مجحفين بحق لبنان، علينا أن ننظر للصورة الأكبر، عربياً؛ فكم من عربي، وعربية، تم تتويجهم دولياً، سواء كعلماء، أو روائيين، أو اقتصاديين، أو فنانين، أو رياضيين، وحتى ملكات جمال، ثم نرى موجات الفرح والاحتفاء تجتاح دولنا ومدننا تعبيراً عن الفرح بهم كدليل على تميزنا، وذكائنا! رأينا ذلك في كل المجالات؛ فرياضياً لدينا حالة ما زالت في الذاكرة وهي النجم واللاعب السابق في المنتخب الفرنسي زين الدين زيدان، ذو الأصول الجزائرية، وكيف احتفت به الجزائر، على كافة المستويات، نظراً لإبداعه في فرنسا!

ولأن الشيء بالشيء يذكر، فالطريف اليوم أنه نقل عن مدرب المنتخب الجزائري لكرة القدم قوله إنه لولا فرنسا لما تأهلت بلاده لكأس العالم. والسبب أن معظم لاعبي منتخب بلاده ولدوا، وترعرعوا في فرنسا، وبالتالي باتوا موهوبين، ومؤهلين! وكما أسلفنا مع لبنان، نقول إن هذا الأمر لا ينطبق على الجزائر وحدها، بل على جميع دول عالمنا العربي. فقط تأملوا كيف يستقبل اليوم الحائز جائزة نوبل في الكيمياء الدكتور أحمد زويل في مصر، ويتم الاحتفاء به، أو كيف تم الاحتفاء بالدكتورة غادة المطيري، سعودياً، على أثر الإعلان عن حصولها على جائزة أميركية في البحث العلمي.

والاحتفاء ليس أمراً مستهجناً على الإطلاق، لكن السؤال هو لماذا يبدع هؤلاء في الغرب، وليس في أوطانهم؟ قد يقول قائل: إن بعض المبدعين أبدعوا في الغرب لأن العلم متقدم هناك. وهذا صحيح، لكن ماذا عن الفن، بكل أنواعه، والرياضة، وخلافه؟ ذات مرة قال لي أحد النبهاء وهو يتحدث عن واقع الفنانين التشكيليين في السعودية، إنه شعر بالسعادة عندما رأى لوحة لأحدهم في أطراف لندن، لكنه يتعجب كيف يصل صيتهم إلى لندن، بينما قلة يعرفونهم في بلادهم. تعليقي كان أنه أمر طبيعي ما دام الإعلام مشغولا بـ«الآباء» المخربين، لا المؤسسين، من أمثال أبو مصعب، وأبو قتادة، وأبو أيوب، وغيرهم!

وعليه، فإن السؤال هو لماذا يبدع العرب، عموماً، في الغرب، وليس في أوطانهم؟

[email protected]