«الفيس بوك» والسياسيون

TT

«سؤال يا جماعة: لو موضوع البرادعي فشل هنعمل إيه؟»

«يا جدعان فكّروا شوية.. حيجرالنا إيه أكثر من اللي جرالنا».

«إحنا عايزين شوية تغيير».

«أنا زهقت من النت وكل حاجة على النت ومافيش حاجة على أرض الواقع».

إنها عينة من بضعة آلاف من تعليقات وردت على صفحة المعجبين بالمدير السابق لوكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي على موقع «الفيس بوك». فالبرادعي يعد اليوم من أكثر الشخصيات العربية شعبية على موقع التواصل الاجتماعي، وقد تجاوز عدد المسجلين في صفحته المائتي ألف مشترك تم تسجيلهم في فترة قياسية لا تتجاوز الثلاثة أشهر.

لا يمكن أن يكون هذا الرقم بلا دلالة إذا عرفنا أن أعلى عدد من المشتركين في صفحات السياسيين العرب (وهم قلة على أي حال) لا يتجاوز العشرين ألف شخص. ورغم أن البرادعي لا يواظب بشكل يومي على الرد على الأسئلة، لكن الصفحة تعرض أخباره ومواقفه وتقدم ردودا على تساؤلات طرحها مشاركون. لكن القيمة الفعلية في الصفحة هي النقاشات التي تدور بين المشاركين أنفسهم، سواء أكانوا مؤيدين أم معارضين.

ليس مناسبة الحديث هي احتمالات ترشح وفوز البرادعي في الانتخابات المقبلة، فتلك محطة لها اعتباراتها وظروفها التي تتجاوز مضامين النقاشات الدائرة على صفحات الإنترنت. ما يسترعي التنبه، هو النفاذ الهائل والسريع لآليات التواصل الحديث التي لم يعد بإمكان السياسيين العرب أو غيرهم تجاهلها والاستخفاف بمؤشراتها.

في الانتخابات المحلية الفرنسية الأخيرة ومن بين أربعة وثلاثين مرشحا، كان ثلاثون من هؤلاء موجودين على موقع «تويتر» فيما يملك جميعهم صفحة خاصة على «الفيس بوك». الأمر مماثل لدى سياسيين غربيين آخرين، لكن لا أحد يتفوق على السياسيين الأميركيين في مواقع التواصل، حيث يفوق عدد نواب الكونغرس المسجلين في «تويتر» مثلا الستين عضوا، أما الرئيس باراك أوباما فتضم صفحته على «الفيس بوك» ثمانية ملايين مشارك.

أوباما كان قد صرح قبل مدة بأن التقنيات والأدوات الحديثة قد تجعل من المعلومات مصدر إلهاء وأن عملية الحصول على المعلومات باتت تغير من شكل المعلومة وتجعلها ترفيهية أكثر. هذا الرأي صدم كثيرين، خصوصا أن مواقع مثل «فيس بوك» كانت واحدة من آليات التواصل التي استفاد منها أوباما للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

إن الشبكات الاجتماعية العالمية باتت، ورغما عنا، تسهم في صياغة وعي محلي وكوني جديدين، وهو وعي وإن لم يؤثر اليوم لكنه حتما سيؤثر لاحقا في صناعة القرار.

في واحد من التعليقات على صفحة البرادعي يقول مشارك: «التواصل جميل لكن إيه النتيجة؟».

الجواب هو أن ذلك سيغير حكما ليس على المدى الطويل، فثورة المعلومات التي أعقبتها ثورة في تنظيمها وتبويبها ستأخذ طريقها إلى وعي المستقبلين. ويحق لنا أن نختلف مع أوباما في أن المعلومات وإن أتت في قالب ترفيهي وأفضت إلى تشتيت المستهلك، فإنها لن تعدم قدرة على التغيير ولن نعدم أمثلة كثيرة على ذلك.

diana@ asharqalawsat.com