موجة تبضع

TT

أمضى الأميركيون العقود الماضية يتبضعون حول العالم: حقول الموز والبرتقال والليمون في أميركا اللاتينية. مصانع الأناقة وينابيع المياه في فرنسا. حقول العنب في إيطاليا. الأيدي العاملة في الهند. اشتروا في كل مكان، مستخدمين دولارا قويا في بلدان فقيرة أو خارجة من الحرب. وسخروا الأيدي العاملة بالقليل من القروش. وأشبعوا الحكومات لكي يجوّعوا شعوبها. وامتلكت الشركات الأميركية بعض الدول الديكتاتورية التي سميت «جمهوريات الموز».

احزر ماذا يحدث الآن. الصين تشتري مصانع وحقول أميركا في كل الولايات، لأن الأرض أرخص أربع مرات واستهلاك الكهرباء أرخص أربع مرات. والسيد تشان والسيد تاو والسيد ماو وسائر السادة مين وتين ولي، يعِدون أميركا بتوفير «وظائف جديدة» لعمالها في زمن بطالة شديدة. وفيما غرقت أميركا في الفساد طفقت الصين تسترخص وتتبضع وتكثر من مصانع العطور والمساحيق إلى مصانع الثلاجات، من نورث كارولاينا إلى تكساس، من وسط لوس أنجليس، حيث يشتري الصينيون الفنادق المفلسة في وسط نيويورك، وحيث يشترون المباني المهجورة من أجل ترميمها. السيد جف تشي بدأ مغامرته مع بداية الصين الجديدة برأسمال 500 دولار، والآن عنده 400 موظف وتبلغ مبيعات فروعة حول العالم 120 مليون دولار. والمقصود بذلك أن العصاميين الجدد صينيون أيضا!

الذين عرفوا أوروبا وأميركا في العقود الأربعة الماضية، كانوا يرون الصينيين في أمكنة لا تتغير: خدما أو طباخين في المطاعم أو بائعي خضار في الأحياء الصينية. الآن عندما ترى اسما صينيا، مثل تشانغ، على واجهة ثياب في ماديسون افينو أو منطقة سنترال بارك، اعرف - حفظك الله - أنك أمام أغلى واجهة في نيويورك. وكل هذا بداية الطريق. والأرجح أن الصين سوف تشتري أسماء المجد الاقتصادي الأميركي، كما اشترت الهند أسماء المجد البريطانية، حيث ترتع «جاكوار» الآن في عز وتقدم لم تعرفه طوال سنوات بلدها الأم.

هذه هي حرية الاستقلال. إنها حرية الكفاية والتفوق على المستعمر. ليست حرية الكونغو المستقل أو حرية روبرت مغوابي في نخر البلاد بالجوع والتخلف والسجون. وهذه هي الكرامة ولا تفسير آخر لمعناها إلا التفاسير الغبية والقسرية. الفقراء ليسوا أحرارا. إنهم مجرد عبيد في ظل ظالم محلي.