هل ينقذ أوباما زيادة القوات في أفغانستان؟

TT

لم يخفِ سجاد أحمر لا حصر له بُسط أمام (الرئيس الأفغاني) حميد كرزاي في واشنطن الأسبوع الماضي واقعا قبيحا واضحا للعيان، وهو أن زيادة (الرئيس الأميركي) باراك أوباما لعدد القوات داخل أفغانستان لم تؤتِ ثمارها.

صحيح أن هذا مبكر. وكما أشار الرئيس خلال مؤتمر صحافي مع كرزاي، لم يصل إلا إلى ما يزيد قليلا على نصف تعزيزات أمر بتعبئتها داخل أفغانستان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ولا تزال أمامهم 14 شهرا ليحدثوا فارقا قبل بدء الانسحاب المقرر.

فبعد مرور 15 شهرا من زيادة القوات داخل العراق عام 2007، حينها كانت الأدلة على نجاحها واضحة، فقد تراجعت أعمال العنف الطائفية، كما تبنت القبائل السنية موقفا معاديا لتنظيم القاعدة وكانت الحكومة العراقية توفي بالتزاماتها.

وفي مايو (أيار) 2010، واضح ما هو مصير الحملة داخل أفغانستان إذا لم يتغير شيء. والمناطق التي طهرتها القوات الأميركية مثل مارغا بمحافظة هلمند، لا تزال بها عناصر تابعة لحركة طالبان، إذ لم تظهر سلطة أفغانية فعّالة داخل هذه المناطق. وفي قندهار، حيث يجري الإعداد لهجوم حاسم، تقل فرص إيجاد حكومة غير تابعة لحركة طالبان بسبب عمليات اغتيال ورفض كرزاي الحد من نفوذ أخيه الفاسد داخل الساحة السياسية المحلية. وفي الوقت الحالي، يبدو أنه لا توجد خطة سياسية متساوقة للمدينة.

وربما كان الشيء الأكثر إثارة للقلق، هو الخلاف الواضح بين دبلوماسيين وجنرالات أميركيين وتابعين لدول حليفة يفترض أنهم ينفذون استراتيجية أوباما. ولا يبدو أن أيا من المدنيين الأميركيين المكلفين بالعمل مع كرزاي يحظى بثقته. ولا يعملون بالتناسق مع قائد القوات الأميركية الجنرال ستانلي ماكريستال. و«الفجوة بين القيادات البارزة في الميدان والجانب السياسي واسعة بصورة غير مسبوقة»، حسب ما قاله لي أفغاني بارز.

ولم يستطع أوباما تجنب بعض من هذه الفوضى، فدائما ما كان غياب قدرة مدنية أفغانية نقطة الضعف في استراتيجية لمكافحة التمرد. وتبدأ المشكلة عند كرزاي، الذي لديه اهتمام أقل ببناء حكومة معاصرة ويعارض جهودا أميركية لبناء هيئات محلية وإقليمية.

وقال الأفغاني الذي تحدثت إليه: «كرزاي ليس زعيم دولة معاصرة، وليس رئيس أركان، ويرى نفسه بدرجة أكبر كوسيط، وهدفه الرئيسي هو وقف إراقة الدماء». ولذا، يهتم كرزاي بالتفاوض مع حركة طالبان.

وقد عقّد أوباما من مشكلته المرتبطة بكرزاي عند طريق إساءة إدارة الزعيم الأفغاني حتى وقت قريب. وبعد عام من البرود، يتبنى حاليا استراتيجية معتادة لإدارة عميل ضعيف، من خلال إغراقه بالحب في الملأ، والضغط عليه في السر. ولم يتضح حتى الآن هل ستثمر هذه الاستراتيجية. ولن يكون الاختبار بدرجة كبيرة مرتبطا بما يقوم به كرزاي، ولكن بما سيسمح به للأفغانيين الآخرين في بناء مؤسسات عاملة داخل المستوى الوطني والمحلي.

وما يصعب فهمه هو فشل أوباما في إصلاح الخلل على الجانب الأميركي. وهناك لاعب رئيس هنا وهو كارل إيكنبري، الجنرال المتقاعد الذي عينه أوباما سفيرا. وعلاقات إيكنبري مع كرزاي سيئة، وربما تكون علاقاته مع ماكريستال أسوأ. ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، تصل تقارير تتحدث عن الخلافات بينهما حول التكتيكات، ومن بينها معارضة إيكنبري تشكيل ميليشيات محلية ومشروعات التنمية السريعة داخل قندهار. والآن، هما مختلفان حول طريقة الرد على الطلب الأفغاني لشراكة استراتيجية معدلة، ومن بينها ضمان أمني أميركي. ويظهر هنا اختلاف آخر هو العراق: لم يكن ثمة خلاف بين القائد العسكري ديفيد بترايوس والسفير آنذاك ريان كروكر.

وخلال تقرير صحافي للبيت الأبيض يوم الاثنين سلطت الأضواء على إيكنبري، عندما سأله صحافي هل يعتقد أن الرئيس كرزاي يمثل شريكا استراتيجيا مناسبا. ورفض السفير أن يعبر عن موافقته الشخصية على الرجل المفترض أن يعمل معه. ورد قائلا: «لقد أعرب الرئيس أوباما عن ثقته في الرئيس كرزاي وعملنا معه».

وكتب أندرو إكسوم، من مركز الأمن الأميركي الجديد، في نقد للاستراتيجية المدنية التي تتبناها الإدارة الأميركية: «لا يعد حميد كرزاي رجل الولايات المتحدة داخل كابل. ويمكن أن يعذر لأنه لا يعرف مَن رجله داخل الولايات المتحدة». وتساءل إكسوم، الذي اقترح أن يحدد أوباما شخصا محددا يتعامل مع الرئيس الأفغاني: «هل يمثل السفير داخل كابل أو المبعوث الخاص لأفغانستان وباكستان متحدثا فعالا مع صناع السياسات داخل أفغانستان؟ وهل تدعم السفارة الأميركية داخل كابل بصورة تامة حملة مكافحة التمرد؟»

تظهر الإجابة عن هذين التساؤلين، وهي بالنفي، المشكلة الأولى التي يجب على أوباما علاجها إذا كان يريد إنقاذ خطته المعتمدة على زيادة عدد القوات.

* خدمة «واشنطن بوست»