من الرئيس أوباما إلى الملكة ريما

TT

في السنة الماضية كان باراك حسين أوباما هو المتهم لأن خلفيته إسلامية، والآن الدور على هذه الفتاة، ريما فقيه، لأنها أميركية مسلمة ومن أصل عربي، والتي توجت ملكة جمال الولايات المتحدة. من الطبيعي أن يصاب الأميركي العادي، وليس فقط المسيَّس، بالدهشة من أن يكون رئيسه له أصول إسلامية، وملكة جماله مسلمة، في وقت تملأ فيه الشاشات أخبار شاه زاد، والعولقي، وعبد المطلب، والظواهري، والمئات من المسلمين الإرهابيين.

ولأن الولايات المتحدة هي أرض الفرص والحرية، لطالما برز فيها أميركيون من أصول عربية، لكن لم تثر جذورهم الجدل. بلغ الكونغرس عديد منهم كنواب وشيوخ، وعمل في البيت الأبيض مستشارون مثل فيليب حبيب، والانتخابات الرئاسية خاضها مَن هو مِن أصل عربي وهو رالف نادر، وفي الثقافة اشتهر أعلام مثل إدوارد سعيد، وهناك العديد من النجوم في السينما والتلفزيون.

لسوء حظ هذه الفتاة، أو حسنه، وجدت نفسها في وسط معركة ليست باختيارها، يتحارب حولها الكثيرون، بين كاره ومعجب. وبسببها تندلع من جديد نقاشات حول العربي والمسلم. وهي الآن تؤدي وظيفة علاقات عامة صعبة لا بد أن نشكرها عليها. ففي كل مقابلة يتم فحصها، كيف يمكن أن تكون لبنانية شيعية من نفس البلد الذي ينتمي له السيد حسن نصر الله؟ كيف يمكن أن تنتمي إلى نفس الديانة التي ينتمي لها كل نزلاء غوانتانامو؟

وفي المعسكر الإسلامي، هبت عليها عاصفة غاضبة من أناس مليؤون بالريبة، يقولون إنها اختيرت لتكون ملكة جمال أميركا ردا على أحمدي نجاد وأسامة بن لادن وكل النساء المحجبات والمنتقبات اللاتي يملأن العالم الإسلامي. يقولون إنهم اختاروا ريما ردا على حزب الله، فهل هذا صحيح؟

هل اختيارها ملكة جمال لأهم دولة في العالم فعلا جزء من الحرب المشتعلة بين المعسكرات الفكرية والسياسية، وخطة منظمة خلفها فريق متآمر. في صحيفة «نيويورك بوست» هناك من المتطرفين اليمينيين من هو مقتنع بأن المسلمين يدبرون سرا كل شيء في أميركا اليوم، من البيت الأبيض إلى لجنة اختيار الملكة. أما المواقع الإسلامية فقد انشغلت بذم الفتاة والهجوم عليها أكثر مما اهتموا بمسألة اختراع الخلية الحية، رغم ما يحيط بالاكتشاف من جدل ديني ومادي أكثر بكثير من تتويج فتاة في مسابقة للبنات في أميركا.

ورغم أن السيد حسن نصر الله تجاهل حدث ريما فقيه، ولم يأت على ذكرها في خطابه قبل يومين، فإن الجميع يعلمون أن تتويجها في أميركا أثار ضجة في لبنان أكثر مما أثاره خطابه، وهذا ما حمل بعضهم على الاعتقاد بأن اختيارها في هذا الوقت المتوتر ليس إلا عملا مقصودا. والحقيقة، أجد نفسي أميل إلى هذا التفسير، إنما ليس بنفس الروح المتشككة والتآمرية، بل أرى أن اختيارها ربما كان تقديرا لمشاركتها. لا أعرف كيف تم اختيارها في المسابقة الأخيرة.. لكن أحد المواقع الصحافية شرح كيف فازت باللقب في المرة الماضية على مستوى ولايتها، ميتشغان، في سبتمبر (أيلول) الفائت بالتنافس مع 40 متسابقة في مجالات الامتحان الشخصي والجمال والموهبة، كسبتها جميعا.

الكارهون لريما فقيه يتشابهون، فهم المتطرفون من الأميركيين والمتطرفون من المسلمين!

[email protected]