الآن سيتعرف العريس على العروس!

TT

فلنبدأ بلغة كرة القدم، فما أن سجل الإيرانيون هدفاً بمرمى الغرب، بمساعدة تركية برازيلية، إلا وردت واشنطن بهدف تعادل مباغت، وهو مشروع العقوبات، الذي لم يفاجئ الإيرانيين وحسب، بل وجعل رئيس الوزراء التركي ينزل من فوق الشجرة، حيث قال أردوغان لأوباما إن ما فعله بطهران كان «فرصة»، وليس «حلا»، ومن هنا تكون مباراة إيران والغرب النووية قد وصلت إلى مرحلة الأشواط الإضافية، خصوصاً بعد إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تسلمها رسالة من إيران حول الاتفاق الإيراني التركي البرازيلي لتبادل اليورانيوم.

وبالتالي فقد بات بمقدور العريس أن يتعرف على عروسه اليوم، حيث سيتضح ما إذا كان اتفاق طهران قابلا للتنفيذ أو لا، خصوصاً أن التلويح بالعقوبات على إيران مستمر، وآخره إعداد الأميركيين لتشريع يقضي بمعاقبة موردي البنزين لإيران، وهذا يعني أن التحدي ما زال كبيراً لكل الأطراف، حيث بات على وكالة الطاقة اليوم، وبعد تسلمها الرد الإيراني، أن تطمئن العالم إلى نوايا طهران، فهل بمقدور الوكالة فعل ذلك؟

الأمر لا يخلو من صعوبة وتحديات؛ فعلى الوكالة إرسال مفتشين للمواقع النووية الإيرانية للوقوف بدقة على حجم المخزون الإيراني الحالي من اليورانيوم منخفض التخصيب، والتأكد من كمياته، وفي حال كان يفوق الكميات المعلن عنها لن يكون الاتفاق المبرم في طهران بين إيران وتركيا والبرازيل كافياً، لأنه وببساطة مبني على تبادل 1200 كلغ من اليورانيوم الإيراني الضعيف التخصيب مع تركيا، وإذا ثبت أنه يفوق هذه النسبة فإن الغرب لن يقبل بصيغة اتفاق طهران. وقبل هذا وذاك، فهل سيتعاون الإيرانيون بالفعل، مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويتيحون لها فرصة تفتيش المواقع، والوقوف على المخزون الإيراني من اليورانيوم؟ وهل ستكون إيران بهذه الشفافية، وما هو مقدار الوقت الذي سيخصص لهذه المهمة، خصوصاً أن عملية تضييع الوقت لعبة إيرانية بامتياز، مع تعجل أميركي لفرض العقوبات الجديدة على طهران؟

والطريف هنا، في لعبة القط والفأر، بين الوكالة وإيران، أننا نشهد تجربة مختلفة عن تلك التي شهدناها بين صدام حسين والمجتمع الدولي؛ فصدام كان ينكر امتلاك الأسلحة البيولوجية، لكنه كان يسعى في نفس الوقت للظهور بأنه يمتلكها، وبحسب ما كشف عنه من وثائق لقاءات صدام مع المحققين الأميركيين فقد كان يسعى لإيهام الإيرانيين بأن لديه أسلحة بيولوجية لترهيبهم، بينما اليوم، وفي الحالة الإيرانية، فنحن أمام وضع مختلف، حيث يسعى النظام الإيراني لإقناع العالم بأنه لا يملك المقدرة على الوصول للسلاح النووي، وأنه لا يملك الرغبة لفعل ذلك، بل وصدرت فتاوى إيرانية حول ذلك، لكن حجم الشق بالثقة بين إيران والمجتمع الدولي أكبر من أن يرقع برسالة، أو باتفاق إيراني تركي برازيلي، وربما هذا ما يبرر تراجع رئيس الوزراء التركي مؤخراً عن انفعاله تجاه ردود فعل الغرب على اتفاق طهران، واتخاذه موقفاً أكثر اعتدالا حيث حافظ لنفسه على منطقة وسط.

لذا دعونا نراقب، فاللعبة معقدة، ومليئة بالتحايل، و«التقية» السياسية.

[email protected]