هيئة اغتيال «العراقية»!

TT

مع اغتيال النائب عن الكتلة «العراقية» بشار العكيدي في الموصل، يكون العراق قد وصل إلى مرحلة جديدة من الصراع على تشكيل الحكومة القادمة، لكن طريقة اغتيال العكيدي ليست بالجديدة عربياً، حيث رأيناها في لبنان يوم تمت تصفية عدد لا يستهان به من فريق «14 آذار» حتى كاد يختل النصاب في البرلمان اللبناني.

اليوم وبعد أن فشلت هيئة اجتثاث البعث في العراق في الحيلولة دون نجاح القائمة «العراقية» في الانتخابات الأخيرة، كما فشلت كل محاولات اختطاف نتائج الانتخابات إلى الآن، نجد أن العراق بدأ يدخل مرحلة جديدة للترهيب، وإضعاف الفائزين بأصوات الشعب العراقي، وهي مرحلة اغتيال «العراقية» بعد محاولات عدة لاغتيالها معنوياً، وسياسياً.

القائمة «العراقية» لامت الحكومة على تقصيرها في توفير حماية للنواب، لكن اللوم أكبر. فالقضية ليست قضية حماية وحسب، بل كان على الحكومة أن توفر الحماية للعراق كله. وبالتالي، يقبل رئيس الوزراء العراقي بنتائج الانتخابات بدلا من التشبث بالسلطة، ومحاولة الالتفاف على النتائج، مرة باسم القانون، وأخرى باسم المرجعيات، وأخيراً بطرح معادلات رياضية، وكل الهدف منها هو التمسك بالسلطة، حتى ولو كان العراق هو الخاسر الأكبر.

المزعج أن عملية اغتيال العكيدي تعد مؤشراً خطراً على أن العقلية التي أدارت تصفية الخصوم في لبنان، وتحديداً فريق «14 آذار»، قد تنتقل اليوم إلى العراق، وحادثة العكيدي ليست الأولى بالطبع، بل قبلها تم اغتيال المرشحة عن قائمة «العراقية» سهى الشماع في محافظة نينوى أيضاً. وبالطبع سيكون من السهل اتهام أي من الجماعات الإرهابية، أو المسلحين، بالوقوف وراء تلك العمليات الإرهابية. لكن الأهم هنا هو أنه كان على الحكومة العراقية تأمين حماية منافسيها، مثلما أنها تؤمن حماية أتباعها؛ فقد رأينا كثيراً من قيادات الصحوة، وقد تمت تصفيتهم وبطرق بدائية ووجه الاتهام فيها إلى تنظيم القاعدة. لكن لم يقل لنا أحد: لماذا كان قادة الصحوة، مثلا، دائماً أهدافاً سهلة لتنظيم القاعدة، حتى في أحلك الظروف التي تشير إلى أن قادة الصحوة في خطر، مثل عملية اغتيال الشيخ أبو ريشة بعد اجتماعه الشهير مع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، حيث أظهرت تسجيلات، بالصوت والصورة، أن أبو ريشة كان يطالب الرئيس الأميركي في ذلك الاجتماع بوضع حد للتدخل الإيراني في العراق؟

واليوم، حتى وإن صرح المسؤولون في المفوضية العراقية للانتخابات بأن نظام المفوضية يسمح باستبدال النائب المغدور العكيدي بمن يليه في عدد الأصوات من نفس القائمة، فإن السؤال يبقى كبيراً وهو: من يضمن عدم استمرار هذا الاستهداف المنظم لقائمة «العراقية» حتى يطال رموزها، لا قدر الله، وبالتالي يقود إلى انفجار الأوضاع في العراق، وتعقيدها أكثر مما هي معقدة؟

لذا، فإن اتهام الحكومة بالتقصير لا يكفي، بل لا بد من إدانة من يتشبث بالسلطة حتى لو كان على حساب خراب العراق. فما الفرق بين من يتشبث بالسلطة اليوم وصدام حسين الذي تمسك بحكم العراق حتى خلفه بلدا محتلا ممزقا؟

[email protected]