يا داخل دبي

TT

كانت مصر منذ القدم تختص بالمثل الشعبي «يا داخل مصر أمثالك كثير»، واليوم ينطبق المثل على دبي أيضا، فإن جئت دبي كرجل أعمال فهي مدينة رجال الأعمال، وإذا أتيت دبي سائحا فستجد آلاف السياح الذين يشاركونك الهدف نفسه، فمهما كانت غايتك فستجد من يشاركك الغاية، ومهما كانت جنسيتك فستجد من أبناء جلدتك الآلاف، فهذه المدينة تضم بين جنباتها أناسا ينتمون إلى أكثر من 200 دولة من مشارق الأرض ومغاربها، فدبي تتكلم كل اللغات، وتتعامل مع كل الأجناس، وتصهر الجميع في بوتقة نظامها وحداثتها وطموحاتها.

وإدارة مدينة بهذا القدر من التنوع والانفتاح ليس بالأمر السهل، ومع هذا استطاعت دبي وفق خلطة سحرية خاصة أن تحقق لدى جل هذه الأطياف التي تعيش فيها مستويات من الرضا النفسي، انعكست إيجابا على إسهام الجميع في حب هذه المدينة، والالتزام بقوانينها، واحترام أنظمتها، وحالة الرضا هذه أوجدت قدرا من الإخلاص لدى عامل النظافة، والبناء، والسائق، وغيرهم، حتى ليبدو أن كل شيء يسير في هذه المدينة بالأسلوب الأمثل.

لا أحد بمقدوره الادعاء بأنه يعرف كامل تفاصيل هذه الخلطة السحرية، التي أوجدت المناخات المشجعة على العيش في دبي من قبل كل تلك الجنسيات المختلفة، وكل ما يمكن للبعض فعله قراءة ما يطفو على السطح من هذه المكونات، فثمة قناعة لدى أهل دبي، أو جلهم، بأن هذا الانفتاح يصب في مصلحتهم، ومصلحة إمارتهم، وصالح أجيالهم، فتعاملوا مع الوافدين بقدر كبير من احترام حقوقهم وإنسانيتهم، خاصة أن هذا الانفتاح لم يكن على حساب المواطن، بل كفل له الكثير من فرص العمل والاستثمار والثراء.

حينما تنعت دبي بأنها المدينة الأسرع نموا في العالم، فليس في ذلك الوصف ضرب من المبالغة، فهذه المدينة الراكضة الصاهلة هي عدة مدن بعدد الأحداق التي تستيقظ كل صباح لتضرب في مناكبها، ومن يغب عن دبي بضع سنوات يحتج إلى من يرشده في دروبها، فهذه المدينة لا تمل من الحراك والتجدد والتحديث، وعلى الرغم من زحام الناس والجنسيات والثقافات واللغات فإن عيون دبي تتسع لرؤية الجميع، ورعاية الكل.

ودبي بالتأكيد هي نموذج لطموح خليجي عام يسعى لتحويل مدن هذه المنطقة من العالم - الذي تجرأ البعض فوصفها ذات زمن بمدن الملح - إلى مدن العسل وسنابل الأحلام.

[email protected]