العراق .. زواج إسلامي بلا طلاق؟

TT

يقول السيد عمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، إن التحالف بين دولة القانون والائتلاف الوطني هو «زواج المسلمين الدائم»، وبالطبع فإن لدى المسلمين أيضا الطلاق، وهو أبغض الحلال عند الله، كما أنه يجوز للمسلم التعدد، وعليه فأي نوع من أنواع الزواج ذاك الذي نراه في العراق؟ بل وهل ما قاله السيد الحكيم أمر واقعي؟

أولا، لا يبدو أن ما قاله زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عن العلاقة الدائمة بين الحليفين الشيعيين أمر واقعي، وذلك استنادا إلى ما قاله السيد الحكيم نفسه في حواره المنشور مع صحيفتنا يوم أمس حيث أجاب عن سؤال حول الضغوط الإيرانية لتحقيق التحالف بين القوى الشيعية الرئيسية بالعراق قائلا إنه «ليس خفيا أن الجمهورية الإسلامية (الإيرانية) وفي نظرتها إلى المشهد وتعقيداته لعلها كانت تحبذ أن تجد هذه القوى مجتمعة أو متقاربة، وهذه قضية لا تنكر، هناك رغبة من هذا النوع...». وبالتالي فإن ما يحدث في العراق اليوم هو عملية طائفية برمتها، وليس عملا ديموقراطيا، أو بناء لدولة المؤسسات، وفي ذلك إقصاء ليس للسنة فقط، بل لجميع المكونات العراقية، وللأسف إن كل ذلك يحدث بتخطيط إيراني واضح، وتبرير من بعض العراقيين.

وكم كان محبِطا ما صرح به الرئيس العراقي جلال طالباني لصحيفتنا قبل أيام حين قال، وهو صادق، لكنه ليس بمحق، إن في العراق «حقائق ليست من صنع الإنسان، وهناك البعض عندما يكتبون يهملون هذه الحقائق، مثلا وجود المكون العربي الشيعي، وكذلك المكون العربي السني والمكون الكردي، هذه ليست فرضيات أو أوهاما أو نتاج مخيلة ما، بل هذه حقائق واضحة على أرض العراق منذ مئات السنين». إلى أن يقول إن «الطائفة حقيقة تاريخية لكن الطائفية تختلف عن الطائفة، والطائفة موجودة مثل القوميات، التي تأتي بعد الطائفة، فوجود القومية التركية والقومية التركمانية حقيقة، والكلدو آشورية، إلى جانب القومية العربية حقائق ثابتة، هذه هي تركيبة العراق، وهذه التركيبة تحتم التوافق والائتلاف إلى فترة طويلة حسب اعتقادي، لهذا يجب أن نستند إلى الوقائع والحقائق وليس على الاعتقاد أو الرغبات الذاتية».

والإشكالية في هذا الطرح أنه يحبط كل رغبة صادقة في رؤية نظام عراقي جديد يقوم على دولة المؤسسات، وليس عراقا طائفيا، أو على غرار لبنان، بحجة التوافق، فما يسمى توافقا ليس إلا رغبة إيرانية واضحة، وهذا ما أكده السيد عمار الحكيم، فالتوافق الأفضل للعراق والعراقيين هو بناء دولة قوية، تكون الوطنية هي الحماية فيها، لا الطائفة، ولا القبيلة، فآخر ما يتوقعه المرء أن تعود عجلة الزمان إلى الوراء في العراق، فالطائفة والقبيلة، وخلافه، واقع في دولنا العربية، فهل علينا أن نعود إلى الوراء أيضا ونهدم كل ما بُني؟ أمر لا يستقيم بالطبع!

ولذا فإن أقل ما يمكن قوله عن الزواج المنعقد في العراق هو «دعوها فإنها منتنة».

[email protected]