الأمير سلمان.. والشهود صومالي وعراقي!

TT

استقبلت النرويج ضيفها السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز بحفاوة رسمية، حيث التقى ملك النرويج هارلد الخامس، الذي أرجأ حضوره للمهرجان الوطني الثقافي السنوي بمدينة برغن لمقابلة الأمير، كما استقبله أيضا رئيس الوزراء، ونائب رئيس البرلمان، وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع، ووزير الخارجية، الذي افتتح اجتماعه مع الأمير سلمان بالقول إنه «لا شيء مثل التواصل الشخصي». فقال له الأمير «أتفق معك.. واسمح لي أن أبلغكم بصدور الموافقة على افتتاح سفارة سعودية في النرويج». كما التقى الأمير سلمان وزيرة التعليم العالي، وعمدة أوسلو.

وعند الوصول لأوسلو كان أول ما تبادر إلى الذهن اتفاقية أوسلو للسلام عام 1993، كيف لا وجل النقاشات كانت سياسية بحتة، وبشكل واضح وعميق، بداية من التاريخ والشؤون الداخلية السعودية، واهتمام الملك عبد الله بن عبد العزيز بالتعليم، مرورا بقضايا المرأة السعودية، إلى أوضاع المنطقة، وعملية السلام، حيث سمع المسؤولون النرويجيون من الأمير سلمان موقف بلاده تجاه قضايا كثيرة، منها أن السعودية داعية سلام واستقرار، منذ مبادرة الملك فهد رحمه الله للسلام، واليوم المبادرة العربية التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأن الرياض، وبمبادرة من الملك عبد الله، دعت لحوار الأديان، مشددا على احترام بلاده للأديان. وشرح الأمير أهمية كون السعودية بلدا إسلاميا ومهبطا للوحي قبل أن تكون دولة نفطية، مؤكدا أن بلاده تدعم السلام لأنها تريد التفرغ لتنمية مواطنيها، مضيفا أن من يقفون ضد السلام هم من يريدون إلهاء شعوبهم عن أهم القضايا، وهي تنمية الوطن والمواطن. وأضاف الأمير سلمان أن على الإسرائيليين أيضا السعي للسلام، فهم في محيط عربي وإسلامي، وذلك من مصلحتهم، مشددا على أن للفلسطينيين حقوقا لا بد أن تستعاد.

وعندما ناقشه وزير الخارجية النرويجي حول الدور السعودي، قال الأمير: «اسمح لي أن أقول بلا غرور: السعودية لا تسعى لدور، وإنما الدور هو الذي يسعى وراءها». وفي أحد النقاشات قال الأمير سلمان إن بلاده لا تسعى خلف الشعارات البراقة، وإنما العمل الجاد. فقيل له إن الأشياء البراقة جيدة أحيانا، فرد الأمير: «لا يلمع البرق إلا إذا كانت السماء مليئة بالسحب». فضحك المضيف قائلا: «لا أملك إلا أن أتفق معكم يا سمو الأمير».

ومع انتهاء يوم طويل من المباحثات، وحين مغادرة الأمير سلمان عشاء وزيرة التعليم العالي، اصطف حشد من النرويجيين وأبناء الجاليتين العربية والإسلامية بالخارج، ولوهلة ظننت أنها مظاهرة، وكنت متعجبا.. لماذا يتظاهرون ضده؟ إلا أن الحشد كان لتحية الأمير، ووسط التصفيق صرخ شابان «يا أمير».. فتوقف! وتوجهوا نحو سيارته مسرعين، وتحرك الأمن فورا، فقال الأمير: «دعوهما». صافحه الأول قائلا: «أنا من الصومال.. أريد السلام عليك»، فرحب به الأمير، فتقدم الآخر «أنا عراقي.. أهلا بك يا أمير». فابتسم الأمير سلمان قائلا «إن شاء الله يستقر العراق».

فكأن من احتشدوا بانتظار الأمير، عربا ومسلمين، قد استمعوا لما قاله بكل وضوح وصراحة وهو يشرح سياسة بلاده بقيادة الملك عبد الله فجاءوا ليردوا له التحية بأحسن منها.

[email protected]