ومن الجَمَال ما قتل!

TT

يزداد الموقف المتصل بسوزان تميم غموضا، هل تنازل والدها عن حق الادعاء المدني في كامل القضية؟ هل اقتصر تنازله عن حق الادعاء المدني ضد هشام طلعت فقط، دون السكري، أم أنه لا صحة لهذا التنازل من أساسه؟ فالأخبار الصحافية خلال اليومين الماضيين يناقض بعضها بعضا، لتزيد الغموض طلاسم، والحقيقة أن جل الأخبار المتصلة بسوزان تميم مربكة، وملغزة، وغامضة، وكأنه قد كتب على سوزان أن تعيش لغزا، وتموت لغزا.

لو أن المخرج هتشكوك على قيد الحياة لصنع من قصة سوزان تميم فيلما مرعبا لكل الجميلات، والجمال - بطبيعة الحال - ليس دائما نعمة، وإذا كان على متواضعة الجمال أن تحذر مرة، فإن على الجميلة أن تحذر مئات المرات، فالجمال - ككل الأشياء الباهرة - جالب لكائنات ضارة ونافعة، وستضيع الجميلة عمرها في التفريق بين الثعالب والقطط، بين الابتسامات الصادقة، والابتسامات التي تشبه دعاية معجون الأسنان، ليس فيها من الابتسام سوى بريق الأنياب.

تذكرني قصة سوزان تميم بالممثلة الفرنسية الجميلة بريجيت باردو التي قادها ذكاؤها مبكرا إلى أن تصرخ في وجه كل الذئاب والثعالب الذين أحاطوا بها قائلة: «ليكف الجميع عن اعتباري شيئا جميلا، ولأصبح كائنا بشريا كسواي»، ولو كانت تعلم سوزان تميم أنها مشروع ضحية لفعلت ما فعلته باردو، حينما أغلقت على نفسها الباب لتعيش وحيدة في منزلها في «سان تروبيه»، لكن سوزان ذهبت ضحية جمالها، ولم يستيقظ حدس المرأة في داخلها ليجنبها مصارع الجميلات، والأمر يشبه ما حدث - بشكل أو بآخر - للجميلة مارلين مونرو من قبل.

حينما تكشّف خبر مقتل سوزان، من المؤكد أن ثمة أكثر من امرأة متواضعة الجمال حمدن الله على جمالهن المحدود، فمحدودة الجمال يمكن أن يكون لها الكثير من الأصدقاء، تعيش بينهم في أمان، أما الجميلة فكل صديق يرغب في الانتقال لديها إلى خانة العاشق، ورفض العاشق لا يفسد للود قضية واحدة فحسب، ولكنه يفسد للود ألف قضية وقضية.

إن قصة سوزان تميم هي قصة امرأة جميلة، لم تعثر - في المحيط - على فنار تسترشد بضيائه، فتاهت خطواتها في العتمة.

[email protected]