ونمت في سرير هتلر!

TT

انتهت الحرب بهزيمة فرنسا من القوات الألمانية، وكان لا بد من عقد معاهدة استسلام، وأصر هتلر على أن يكون توقيع المعاهدة في شهر يونيو (حزيران) من عام 1940 وفي المكان نفسه الذي استسلمت فيه ألمانيا في الحرب العالمية الأولى يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1919. وأدرك الفرنسيون أن هتلر لم يقتنع بالنصر وإنما يريد رد اعتبار ألمانيا. ولم تعلق فرنسا، ووافقت. وجاء الماريشال الألماني فيلهام كانيل والزعيم هتلر. أما البهجة والسعادة والطفولة والشماتة فعلى وجه هتلر بألوان وأضواء. فالويل للمهزوم..

ويدور التاريخ وتتغير الأوضاع، ويصبح العدو زميلا، ثم صديقا. ففي أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1985 تشكل لواء مدرع بين قوات ألمانية وفرنسية عملت معا في حرب البوسنة والهرسك سنة 1996، وفي 2004 عملوا معا في أفغانستان، وفي برلين بعثت فرنسا وزيرة لها لتكون ضمن التشكيل الوزاري الأوروبي، فجلست الوزيرة الفرنسية إلى جوار الوزيرة الألمانية!

وكانت البداية الحزينة التي نعرفها في معاهدة فرساي التي منعت ألمانيا من أن يكون لها جيش؛ بوليس فقط. ولكن في مارس (آذار) سنة 1936 انسحبت القوات الفرنسية من الحدود، وتركت لهتلر أن يفعل ما يريد وما يشاء. ولم يتردد هتلر لحظة، ففي مارس سنة 1936 تقدمت القوات الألمانية تسترجع المناطق الألمانية في تشيكوسلوفاكيا مستعينين بثلاثين ألف جندي في أحسن وأحدث تسليح.

وسارع رئيس وزراء بريطانيا تشمبرلين ومن ورائه فرنسا أرسلت وزيرها سارو وجاء موسوليني من إيطاليا. وكما جاءوا عادوا. لقد زحف هتلر وكان له ما أراد. وفي أول سبتمبر (أيلول) سنة 1939 أعلنت فرنسا الحرب على ألمانيا، ولم تكن مستعدة. والجنرال جابلان لم يستوعب الموقف تماما ولم يتمكن في سنة 1940 من تحصين خط ماجينو كما ينبغي. ودار حوله هتلر بمدرعات وأمطرت الطائرات حمما من القنابل والصواريخ. وسقط خط ماجينو. وأدت هذه الهزيمة إلى محاكمة الجنرال جابلان الذي هرب إلى ألمانيا وبقي فيها حتى سنة 1945. وقد شاءت الصدفة أن أنزل في الفندق الذي اتخذه هتلر مركزا لقيادته. وقيل إنه كان ينام في هذه الغرفة بالذات وعلى هذا السرير. ونمت، وفي الصباح وجدت نفسي كما أنا.. لا صدى.. ولا أنا ماريشال ولا هتلر ولا حاجة، ولا ظهرت حولي عفاريت وأرواح الموتى.. وأنا القلق العادي. وعرفت أن هتلر كان مثل تشرشل.. مثل السادات، ينام بسهولة وعمق؛ كيف؟!