مشانق الملالي...

TT

ملالي طهران ينصبون هذه الأيام في كل زاوية وركن من جمهوريتهم في الجنوب والشمال والشرق مشانق، تباينت كثافتها بين منطقة وأخرى، ففي حين قلت في المناطق الجنوبية من إيران ازداد عددها في إقليم كردستان الإيراني لينهي حياة عدد من الشباب الكرد، كان آخرهم قافلة مؤلفة من أربعة شباب وفتاة في العقد الثاني والثالث من عمرهم بتهم ملفقة غايتها ترهيب الشعوب الإيرانية عامة، والشعب الكردي على وجه الخصوص، وإخضاعه لأوامر قوى التخلف المتربصة بقوة الشعب وموارده ومشاعره والتي تحاول جاهدة الاستيلاء على طموحاته وتطلعاته وأحلامه في بلد حر وعيشة كريمة بعيدة عن أهواء القادة ومغامراتهم البهلوانية، الذين هدروا أموال الشعب في غزة وضاحية بيروت واليمن والجزائر...

سلسلة الإعدامات هذه تجري على مرأى ومسمع من الرأي العام الدولي بكافة مؤسساته الرسمية وغير الرسمية، ومنظماته وجمعياته الإنسانية ما فتئت تشجب وتستنكر كل عمل مناهض لحرية الإنسان ومسيء لكرامته الإنسانية دون أن يرف لها جفن هذه المرة في نظرة وصفها البعض بالحياد السلبي تجاه ما يقترفه قادة النظام في طهران بحق أبناء شعبه.

دلالات أخرى يستنتجها كل مراقب للمشهد الإيراني الذي بات أكثر رعبا وقتامة أن الفراغ الذي شكله غياب فعالية القوى الكبرى في المنطقة جعل الغول الإيراني أكثر شراسة ودموية في الداخل، وأكثر تشددا وتزمتا في الخارج، بعد أن تجرد المتحكمون بالسياسة والأمن والاقتصاد في هذا البلد الشهير بتاريخه والعريق بثقافته المتنوعة من مسؤوليات الحاكم الصالح من جهة وبعد دخول القوى الكبرى في حالة التردد والانكماش أحيانا والنوم أحيانا أخرى ليصبح هذا الغول بطلا مسرحيا يؤدي جميع الأدوار المسرحية بحرفية، ففي الداخل نجده يلعب دور الحريص والحارس على أمن الثورة ومستقبلها، أما في الخارج فهو ينسحب في هذه اللحظات ببطء من خشبة المسرح بعد أن أدخل الجمهور في تنويم مغناطيسي كان خلالها علماؤه وخبراؤه يقضون الليل والنهار في استكمال البرنامج النووي، حيث تلقوا منذ وقت مبكر التعليمات الكاملة بهذا الشأن، في حين راح ساستهم يستكملون مسرحية «نجادي والبرازيل» على خشبة أردوغان المتهالكة والمتصدعة بفعل الفشل المتكرر في أعمال وساطات الخير والبر والإحسان.

مدلول آخر أفرزته هذه الجريمة البشعة على الساحة الكردستانية حيث كشفت عن ضعف واستكانة من قبل الجماهير الكردية في الأطراف الأربعة التي اتبعت وسائلها التقليدية في التصدي لهذه الأعمال الإجرامية، فاكتفت ببيانات الشجب والاستنكار وعزفت عن اللجوء إلى الشوارع التي كانت تتوق للقيا الشباب الكرد ومن معهم من قوى الخير والسلم، فكان التضامن الدولي بشقيه الأهلي والرسمي ضعيفا مع هذا الحدث المتكرر في بلاد فارس فخسر الكرد كخسارتهم في كل مرة، وإن كانت هذه المرة كبيرة، خمسة شباب في ريعان شبابهم، وستتوالى الخسائر يوما بعد آخر ما لم يتوقف الغول الإيراني عن نصب المشانق بفعل هداية إلهية أو يوقف تحت ضربات الشعوب الإيرانية الطامحة للحرية والكرامة.

* كاتب كردي من سورية