سلمان في أوروبا

TT

عندما يزور شخص بحجم الأمير سلمان بن عبد العزيز دولا أوروبية، فالموضوع يحتاج إلى قراءة. سلمان بن عبد العزيز رمز مهم بالنسبة للسياسة السعودية، وأيقونة يفتخر بها السعوديون وينظرون إليها بعزة وفخر. فهو أكثر من مجرد حاكم لعاصمتهم، بل مثال للتواصل مع أبناء وطن، والإدارة الجادة والتخطيط المدروس. هو رجل آمَن بأهمية التواصل مع العالم، فهو لم يرسل ابنه سلطان ليكون أول سفير للفضاء من العالم العربي والإسلامي، ولكنه أطلق منظومة إعلامية من السعودية للعالم، فاتحا مجال التواصل بأسلوب عصري، وكذلك أطلق سلسلة معارض دولية جابت العالم لتظهر الرسالة السعودية بشكل حضاري بعد أن كان الناس لا يعلمون عنها إلا ما يسرقونه خلسة من مجالس النميمة.

منذ أيام زار الأمير سلمان إلى النرويج، الدولة المحورية في شمال أوروبا، وزعيمة «الفايكنغ» التي جابت العالم، وهي التي أحسنت التعامل في أزمة الرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) على عكس غيرها. ولها أثر واضح في ثقافة السلام، فهي قادت فكرة اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل، ودائما كانت سباقة في نشر قوات حفظ السلام حول العالم. وبالتالي كان مهما الحضور السعودي في بلد مثل النرويج، وتدشين الوجود هذا بافتتاح السفارة بشكل رسمي.

وبعد النرويج كانت المحطة ألمانيا، الاقتصاد الأوروبي الأكبر والأهم والثاني عالميا. ألمانيا اليوم، ومن خلال الأزمة المالية التي تعصف بالسوق الأوروبية، تبرز كالقيادة الحقيقية للقارة الأوروبية، ومركز الثقل لها بعد انحسار التأثير الفرنسي والبريطاني، والصيت والسمعة الاستثنائية لمنتجاتها وخدماتها يجعلان من الاقتصاد الألماني ذا مكانة أكثر من مميزة، والدليل هو الموقع الذي يحتله عالميا، وفي العالم العربي، وفي السوق السعودية.

ألمانيا كانت في وسط عاصفة الحادي عشر من سبتمبر، فمن هناك كانت خلية هامبورغ بزعامة محمد عطا، وهناك مجموعة من المدارس المتشددة، وهذا أثر على العلاقات السعودية - الألمانية ووترها لبعض الوقت، ولكن الدبلوماسية السعودية استطاعت امتصاص كل القلق الألماني بحكمة واحترافية، والزيارة السعودية لألمانيا التي يقوم بها الأمير سلمان بن عبد العزيز تأتي بعد أيام من زيارة المستشارة الألمانية ميركل لجدة ولقائها بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتؤكد أهمية العلاقة بين البلدين.

هناك رسائل اقتصادية وثقافية وسياسية ومعنوية لزيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز للقارة الأوروبية، وهي مطلوبة لبناء جسور الثقة على حساب التشكيك والتدمير. وكم كان لافتا وجوده ولقاؤه مع زعماء وقادة في عقر دارهم، ماداً يده للتعاون، في نفس الوقت الذي كان فيه جنود الموت الإسرائيليون يعيثون فسادا، ويقتلون الأبرياء في عرض البحر، والعالم لا يملك إلا أن يقارن بين رجل سلام وأشباه رجال جبناء.