احذر «العميل الخفي»!

TT

إن كنت موظفا أو مديرا فاحذر العميل الخفي! هذا النوع من العملاء هو الذي ترسله بعض الشركات «سرا» لتقييم جودة خدمة موظفيها. فالعميل الخفي قد يكون جالسا إلى جانبك، وأنت تتناول وجبتك في أحد المطاعم، غير أن هذا العميل يختلف عنك في أن لديه أجندة تقييم واضحة، جاءت به إلى هذا المكان. ولكي لا يكتشف الموظفون أمر هذا «العميل المتنكر» فإن الجهة المتعاقدة معه تطلب منه أن يحضر معه، أحيانا، أصدقاءه، لتناول وجبة معينة في مطعم، كنوع من التمويه، على أن يتحملوا هم التكلفة. هذا العميل قد يختلق مشكلة مع النادل، مثلا، لاختبار ردود أفعاله، أو ربما يفتعل مشكلة مع أحد موظفي مبيعات متجر معين، لم يقبل مثلا أن يستبدل له سلعته، التي اشتراها قبل بضعة أيام، وذلك في محاولة متعمدة من العميل لرصد كيفية تعامل الموظفين في هذه الحالات.

هؤلاء العملاء الأخفياء هم عينة عشوائية من الناس تتقدم إلى الجهات المختصة بتقديم برامج من هذا النوع، بحيث تتفق مع الشركات المهتمة بتقييم موظفيها، على بنود محددة يقيم العميل على أساسها جودة الخدمة.

ومن أمثلة هذه الشركات التي تستعين بالعميل الخفي أو ما يسمى بالـ«Mystery Shopper» البنوك، وشركات التجزئة، ومراكز الاتصال الهاتفية، والمستشفيات، ومطاعم الوجبات السريعة العالمية، والفنادق، وبعض المؤسسات الحكومية وغيرها.

ولا يتم إرسال العميل الخفي إلى موقع التقييم قبل أن يأخذ دورة تدريبية مكثفة (بضع ساعات) لكي يتعلم أصول التعامل في المواقف المحرجة، ولكي يفهم قائمة بنود التقييم الطويلة التي تعتمد بالتعاون مع الشركة التي تخضع موظفيها للتقييم.

وبعد الدورة يتم إجراء مقابلة شخصية للعميل، لمعرفة جوانب مهمة من شخصيته، قبل إرساله إلى الجهة المراد تقييمها. والمعروف أن هذا العميل الخفي تعوضه الشركة التي تتعاقد معه بكامل المبلغ الذي قد يدفعه لقاء قيامه بتجربة التقييم كالسلعة التي اشتراها (بحدود سعرية يتفق عليها مسبقا) وتعطى له - عادة - السلعة كهدية وفوقها أجرة عمله.

إن مراقبة جودة الأداء صارت أمرا مهما، نظرا لتزايد المنافسة الملحوظ بين الشركات، ونظرا لتقاعس بعض الموظفين الحكوميين في الوطن العربي عن أداء عملهم على النحو المطلوب. وقد أظهرت إحدى الدراسات التي نشرتها منظمة «mysteryshop.org»، غير الربحية، أن 69 في المائة من العملاء يتوقفون عن التعامل مع المحلات والشركات بسبب سوء الخدمة المقدمة، بينما يتوقف 13 في المائة عن التعامل بسبب قلة جودة المنتجات، وأظهرت أن 9 في المائة فقط يتوقفون عن التعامل لأسباب متعلقة «بالمنافسة بين الشركات». وهذا مؤشر على أهمية جودة الخدمة لدى العملاء. والسؤال هو: ماذا ستكون النتيجة لو أن مؤسساتنا الحكومية أجرت دراسة شبيهة على إداراتها؟ أتوقع أن تكون النتيجة مفاجئة لأن الكثير منها يقدم خدمات محتكرة ويصعب عليه التفكير بعقلية إرضاء العميل، وربما هذا هو أحد أسباب معاناة المراجعين لأروقة الدوائر الحكومية في العالم العربي، إلا ما رحم الله.

[email protected]