اتحاد الانفصال

TT

قبل ثماني سنوات أصدر الزوجان آل وتيبر غور كتابا من 432 صفحة، بعنوان «متحدان بالقلب». لقي الكتاب رواجا سريعا حتى اختفى من المكتبات. ولدي نسخة دفعت ثمنها آنذاك 26 دولارا، أعتقد أنني سوف أرسلها الآن إلى «سوذبي» كي تباع بالمزاد، ولعلها تساوي عشرة أضعاف سعر الكلفة على الأقل.

في هذا الكتاب يتحدث نائب بيل كلينتون وزوجته المستشارة لدى البيت الأبيض في الصحة العقلية، عن تطور الحياة العائلية في أميركا. ما المشكلات التي تواجه الزيجات بعد تحول الزوجة إلى العمل؟ ماذا يحدث للأطفال عندما يتركون إلى المربيات ودور الحضانة؟ ماذا تواجه الزوجة العاملة من مضايقات في العمل؟ هل لا تزال قيم العائلة الأميركية هي نفسها كما قرأناها في الروايات وشاهدناها في نهاية الأفلام السعيدة؟

يعرض الزوجان غور قصص وتجارب 12 عائلة، ثم ينتقلان إلى المنزل الزوجي السعيد المليء بأربعة أبناء وعدد من الأحفاد الذين ينطون بسرور على حضني الجد والجدة. ولم يكتفِ الزوجان بالنصائح الواردة في الكتاب، بل نظما، لسنوات طويلة، مؤتمرا سنويا يستمر يومين تحت عنوان «الاتحاد العائلي».

عندما أخذتُ «متحدان بالقلب» لم يكن هدفي التجارة، فأنا في هذا الباب مطبق الغباء. ولا كان هدفي قراءة المستر غور، فقد رأيت فيه دائما رجلا متسربلا بنفسه، كثير الخبرة قليل العبرة. وبدا إلى جانب كلينتون وهالته الشخصية رجلا باهتا. الكارثة طبعا أن الذي هزمه في انتخابات الرئاسة، جورج بوش2، جعل الدنيا تترحم على ايام هاري ترومان، صاحب هيروشيما.

في أي حال، أخذت الكتاب لأقرأ عن تحولات المجتمع الأميركي، وأعرف، هل يمكن للعائلة الأميركية أن تصمد أمام الانحدار والإباحات ومتغيرات السلوك، التي ضربت الأرياف تماما كما ضربت المدن؟

يوم الأربعاء الماضي أعلن آل وتيبر غور انفصالهما بعد زواج دام أربعين عاما. بدا كل شيء معرضا للسخرية والتفكهة. ولكن المسألة ليست في هذه الخفة. هؤلاء السادة لا يفصلون قلوبهم من دون سبب. إدوارد كينيدي طلق زوجته الأولى بسبب إدمان الشراب. وبيتي فورد، زوجة جيرالد فورد، شفت نفسها قبل الانفصال، وأنشأت أهم مركز في أميركا لغسل الشرايين.

حتى الآن لا أحد يعرف حقيقة الانفصال بالقلب. لكن الصحف التي تفتقي آثار المشاهير سوف تبدأ بعد قليل بدخول المَخادع والقفز فوق أسوار الحدائق. ولن يكون ذلك مسليا. ليس بعد أربعين عاما.