فريال كانت أشجع مريضة!

TT

رأيت مرضى كثيرين وكثيرات. وأمراضهم أشكال وألوان وإصرار وآمال ويأس. طالت أعمارهم رغم المرض وانقصفت أعمارهم بلا مرض. كيف؟ هذه حال الدنيا التي لا نعرف منها متى نموت.. والله وحده هو الذي يعرف.

ويشكو المرضى. طبيعي. ويصرخون. طبيعي. ثم لا يقولون خوفا من الشماتة فيهم. ولما اغتيل الرئيس السادات عاب الناس على السيدة جيهان السادات أنها تتلقى العزاء في أجمل صورة. وجهها وشعرها وفستانها وأخفت ابتسامتها. وهذا طبيعي. وقالوا: كيف كل هذه الأناقة في مواجهة المأساة؟

سألتها قالت: وهل تريد أن يشمت الناس في.. فلي أعداء كما أن للسادات أعداء ويسعدهم أكثر ما وصلنا إليه.. وأردت أن أوقف هذا الزحف وأدفعه إلى ناحية أخرى. فالرجل مات وانتهى الأمر. فلماذا أنتظر وكأننا نحن أيضا قد متنا؟ لا بد أن نكون في مثل قوته وصلابته.. وهناك قبائل أفريقية وآسيوية تهلل وتطبل وتزمر إذا مات أحد منها.. لأنه سوف يسبقهم إلى فوق عند الله والملائكة ويعيش في النعيم..

وفي الهند تحرق المرأة نفسها بعد وفاة زوجها.. أو معه في وقت واحد. فلا حياة لها بغيره.

ولم أر واحدة استطاعت أن تصمد وأن تضحك.. وأن تتكلم عن سرطانها كأنها ستموت من الزكام. وتقول إنها تذهب إلى الطبيب ويعطيها حقنة هنا وهنا.. وتضحك وتعود إلى حيواناتها تحضنها وتقبلها دون أن تخبرها بأن هذه ربما كانت المرة الأخيرة. إنها الصديقة المرحومة الأميرة فريال بنت الملك فاروق آخر ملوك مصر.

ولما رعاها الأمير عبد العزيز بن فهد هي وأخاها الملك أحمد فؤاد كان لقاؤهما معه حارا. وكانت حفاوته بهما عظيمة.. حفاوة عظيم بأناس كانوا عظماء. ولا ذنب لهم. وكان أثر هذا اللقاء عميقا. قالت لي فريال: إن أحدا لم يفعل مثله.. وقال لي أحمد فؤاد: إنه ابن ملك.. وهذه أخلاق الملوك التي عهدناها.. وكانت فريال تقول إذا سألتها: أنا مريضة.. وأعرف أنه لا علاج لي رغم أن الذي أتلقاه هو آخر ما وصل إليه العلم الحديث في سويسرا.

وسألتني: وأنت متى ستموت؟

قلت: لا أعرف. ولكن لا بد.

ثم قالت قرارها النهائي: يا شيخ روح موت.. إيه في الدنيا يساوي الحياة. موت واطلع نلعب كوتشينة فوق.

- حاضر..

- إمتى؟

- ......