ألم نقل لكم؟

TT

ألم نقل لكم بالأمس إن حسن نصر الله يريد استعادة البساط الذي سحبته منه تركيا بعد حادثة أسطول الحرية على شواطئ غزة؟ وألم نقل، بالأمس أيضاً، إنه في القضية الفلسطينية «اللعبة هي اللعبة، لكن مستوى اللاعبين في انحدار»؟ وألم نقل، قبل أيام، فضلا لا تنقذوا إسرائيل هذه المرة؟ حسناً ما الذي حدث؟

يوم أمس أعلن علي شيرازي، ممثل علي خامنئي، أن قوات الصفوة بالحرس الثوري الإيراني مستعدة لتوفير حراسة عسكرية لسفن الشحن التي تحاول كسر الحصار الإسرائيلي على غزة، وأن «القوات البحرية بالحرس الثوري الإيراني على أهبة الاستعداد بكل قدراتها وإمكانياتها لحراسة قوافل السلام والحرية إلى غزة». كما قال شيرازي إنه «إذا أصدر الزعيم الأعلى أمراً بهذا الشأن فإن القوات البحرية في الحرس الثوري ستبذل قصارى جهدها لتأمين السفن»، مضيفاً أنه «من واجب إيران الدفاع عن الأبرياء في غزة».

كلام شيرازي يعد أفضل وصفة للعبث؛ فحديثه دليل على أن إيران تحاول استعادة الدور المفقود لبرهة من الوقت بعد أن أصيبت بدوار البحر من أسطول الحرية الذي ارتكبت بحقه إسرائيل جريمة، وبفضله باتت تركيا أكثر عروبة من العرب، بحسب ما قاله حسن نصر الله، ويبدو اليوم أن الإيرانيين يريدون أن يكونوا أتراكاً أكثر من الأتراك، وبالطبع بحثاً عن دور، لكن هذه التصريحات الإيرانية ما هي إلا عبث ودليل على البحث عن دور.

فكما قلنا بالأمس، عن أن اللعبة هي اللعبة في القضية الفلسطينية، والصراع مع إسرائيل، لكن مستوى اللاعبين في انحدار، والدليل أن تصريحات شيرازي لا تنم عن أي وعي سياسي، أو إدراك لعواقب الأمور، بل هي انتهازية سياسية لا تخدم إلا إسرائيل وحدها، فقد سبق أن صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتبرير ورطة بلاده مع المجتمع الدولي حول الجريمة التي ارتكبتها قواته في عرض البحر، بأن إسرائيل ستواصل منع وصول السفن إلى الشاطئ، وأنه سيمنع إقامة «ميناء إيراني في غزة»، واليوم يأتي ممثل علي خامنئي ليعطي لنتنياهو ما يمكن أن يسوق تبريراته أمام الغرب، ويساعد إسرائيل على تفادي الضغط الدولي الذي يطالب بلجنة دولية للتحقيق في الجريمة، ورفع الحصار عن غزة!

ولأن بيننا، ومن عربنا، للأسف، من قرر أن يسلم عقله لأصحاب الشعارات المزيفة، أو من لا يريدون تصديق الحقائق، وعلى طريقة المقولة الطريفة «لقد شكلت رأيي فلا تشتتني بالحقائق» فنقول إنه حتى حركة حماس التي تطالب برفع الحصار عن غزة استوعبت الأمر، وبشكل سريع، حيث رفضت المقترح الإيراني بأن يؤمن الحرس الثوري حركة السفن المتوجهة إلى شواطئ غزة، حيث قال النائب عن حماس جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، لصحيفتنا: «لا نريد أي تدخل عسكري»، مضيفاً أن «هذه القوافل سلمية، ومدنية، وليست عسكرية أبداً»، ومشدداً على أنه «بشكل عام هذا ممنوع، لا نريده من أي دولة.. هذه انتفاضة سلمية ومدنية فقط».

فمتى يتنبه البعض لهذه اللعبة المكشوفة من قبل إيران، أو غيرها؟ هذا هو السؤال!

[email protected]