السعودية.. هل هي هيلة وحدها؟

TT

لا تزال صدمة ظهور سيدة «القاعدة» السعودية هيلة القصير كبيرة، فجل من التقيتهم هذه الأيام في السعودية يتساءلون: «معقولة..»؟ حجم الصدمة نابع من كونها سيدة، وعادة ما يستغل المتطرفون قضايا المرأة للاعتراض على الحراك الدائر بالمجتمع السعودي. ولذا فإجابتي دائماً: نعم، معقولة ونصف!

فمنذ اندلاع الإرهاب في السعودية وهناك مطالبات للتنبه لتفشي ظاهرة التطرف بين النساء؛ فالقصة ليست هيلة وحدها، بل هناك أخريات يرصدهن الأمن السعودي ويفضل عدم التشهير بأسمائهن مراعاة لعادات المجتمع، إلا أن «القاعدة» هي من بادر هذه المرة للتشهير باسم هيلة، فقد سمعت من مسؤول أمني سعودي كبير قبل فترة عن حالات أخرى لسعوديات، وغيرهن، فضّل الأمن معالجتها بعيداً عن الإعلام، بهدف الإصلاح، لا التشهير. إلا أنه يبدو أن «القاعدة» كانت تريد إحراج الأمن السعودي بأنه يعتقل سيدة، لكنهم، أي «القاعدة»، فضحوا أنفسهم من حيث لا يشعرون؛ فالتطرف ليس مقصوراً على رجل أو امرأة، وما الضير أصلا في أن تسجن سيدة طالما أنها اقترفت جرماً؟ لكن ورغم كل ذلك فإن الأمن السعودي تعامل مع قضايا المرأة بالإصلاح، لا التشهير.

وهنا سأروي قصة اطلعت عليها منذ مدة ليست بالقصيرة، فسبق أن سمعت من المسؤول الأمني أن امرأة سعودية فرت مع أطفالها للعراق للقاء الزرقاوي، وحين سألت المسؤول عن الاسم قال: «هل تنوي النشر»؟ قلت: نعم. فقال: «وما ذنب أهلها حتى نشهر بهم»؟! عدت وسألت المسؤول نفسه عن نفس المرأة التي فرت للعراق بعد حادثة هيلة، خصوصاً أن أمر من فرت للعراق لم يظهر بالإعلام بعد، فقال المسؤول «إجابتي هي نفسها.. ما ذنب أسرتها»؟ قلت له وما الفرق بينها وبين هيلة، فقال: «الفرق كبير، نحن لم نشهر بها، وما زلنا نتعامل بأخلاقياتنا، فـ (القاعدة) هي من شهر بها»!

وعندما نتساءل هل هي هيلة وحدها فليس في الأمر مبالغة، فهناك حالات أخرى لم تظهر للإعلام بعد، بدافع الستر والإصلاح، ولكنها توجب الحذر، حيث سبق للسعودية أن اعتقلت سيدات، سعوديات، وغيرهن، يحملن أحزمة ناسفة، وقام الأمن بالتعامل معهن بشكل حاسم، أمنياً، وإصلاحياً أيضاً، حيث سلم معظمهن لأهاليهن بعد أخذ تعهدات على الأهالي بضرورة مراقبتهن، وضرورة الإبلاغ عن أي أمر مثير للشبهات حولهن، وإلى الآن، وبحسب ما علمت، فلا مشاكل من ناحيتهن.

وعليه فإن خطورة الوضع تكمن في أن المرأة تحظى بتعامل خاص في السعودية، سواء اجتماعياً أو من أجهزة الدولة، والخوف كل الخوف أن يتم استغلال ذلك من قبل المتطرفين لاستخدام النساء في عمليات انتحارية، لا قدر الله، خصوصاً أنه سبق لأفراد «القاعدة» أن تخفوا بأزياء نساء، كما سبق لهم استخدام النساء في عمليات انتحارية في العراق، وغيره.

صحيح أنه بُذل، ويُبذل، جهد جبار في السعودية، من مراقبة الأموال، والمساجد، والعمل الخيري، وخلافه، لمنع عمليات تفريخ الإرهاب، لكن الطريق لا يزال طويلا، ولا بد من معركة تطال جذور التطرف من أساسه، وتنطلق من المدرسة، والمسجد، والأسرة، والإعلام.

[email protected]