صورة الحليف خارجا

TT

أدت سياسات جورج بوش القائمة على العنف ضد الخصوم وتهديد الحلفاء، إلى الخراب. ويبدو أن سياسة «التقرب» التي يتبعها باراك أوباما، لم تخفف من حدة المأزق. لقد شهدت واشنطن في الأشهر الأخيرة اثنتين من كبرى حليفاتها تذهبان في اتجاهات معاكسة: تركيا والبرازيل. الأولى ركن في آسيا والعالم الإسلامي، والثانية شبه قارة في القارة اللاتينية. وتركت صورة التكاتف الثلاثي في طهران بين الزعيم البرازيلي «لولا» والزعيم التركي أردوغان ومضيفهما الإيراني أحمدي نجاد آثارا عميقة في صحافة أميركا. وتحرك «المحافظون الجدد» للمرة الأولى منذ ذهاب بوش، على نطاق واسع، في حملة ضد «سياسة الاسترضاء» التي يتبعها أوباما حيال إيران والخصوم التقليديين. (يستخدم مصطلح الاسترضاء في المقارنة مع تصرف بريطانيا حيال هتلر عشية الحرب العالمية الثانية). وتقود الحملة على أوباما صحيفة «وول ستريت جورنال» وكتابها. وهي ربما الصحيفة الوحيدة في العالم التي دافعت عن سلوك إسرائيل ضد «قافلة الحرية» وما برحت تبحث لها عن مبررات بمعدل يومي تقريبا. وانتقد الكاتب المحافظ تشارلز كراوتهامر في «واشنطن بوست» الصورة الثلاثية في طهران، قائلا إنها «تحد صارخ في عين السياسة الخارجية التي يتبعها أوباما. إنها تظهر أن حلفاء أميركا - وقد رأوا ما عليه سياسة هذه الإدارة الخارجية - قرروا أنه لا خسارة من الوقوف مع أعداء أميركا ولا ربح في الوقوف مع رئيس كرس نفسه للاسترضاء والاعتذارات».

يضيف: «ليس في أوباما ما يخشى وهناك ما يستفاد منه في الوقوف إلى جانب خصوم أميركا الصاعدين». و«الصاعدون» هنا تعني صورة عالم متغير. عالم يعد لا فقيرا ولا معوزا ولا ضعيفا. ففيما تطحن الأزمات الاقتصادية أوروبا والولايات المتحدة، تزداد آسيا وأميركا اللاتينية ازدهارا ومناعة. من الصين إلى البرازيل مرورا بالهند، أخذ مركز القوة الاقتصادية يتحول. وتركيا كذلك تعرف تطورا اقتصاديا مهما منذ وصول أردوغان وحزبه إلى السلطة. الحل طبعا ليس في سياسة عرض العضلات، كما يقول فريد زكريا. فقد أفقدت تلك الممارسات أميركا أقدم حلفائها في أوروبا، كما حدث في بريطانيا وغيرها. وكانت تركيا نفسها المثال الأول عندما رفضت السماح لإدارة بوش باستخدام القاعدة الأميركية في ديار بكر من أجل ضرب العراق. منذ عقدين كانت الدول الصاعدة تشكل ثلث الاقتصاد العالمي. الآن تشكل نصفه ويزيد. خصوم أوباما ليسوا خصوم جورج بوش أو كلينتون. وربما كان على أميركا أن تتأمل خريطة العالم مرة أخرى وترسم سياستها الجديدة على هذا الأساس.