أعظم النعم

TT

الحديث المتواصل عن إنجازات وزارة الداخلية السعودية لم يعد جديدا، بل بات سمة من سمات الفخر التي يعتز بها السعوديون ويرفعون رأسهم بها، في ظل الأخبار السارة المتواصلة التي تنقلها لهم وسائل الإعلام عن إسقاط خلايا إرهابية جديدة، أو القبض على جناة ومجرمين، أو الوصول لأدلة وبراهين للكشف عن أعتى الجرائم والمجرمين. وقادتني الصدفة منذ أيام لزيارة إدارة الأدلة الجنائية في محافظة جدة، والحق يقال إنني لم أكن أتوقع هذا الزخم العلمي والعملي في هذا المكان الذي أصبح «مطبخ» المباحث والشرطة والمرور للوصول إلى الفاعل والجاني والدليل بشكل علمي وقطعي، وإزالة الغبار والرمادية في مجال لا مكان فيه إلا للأبيض والأسود فقط. وبالإضافة إلى وجود العناصر البشرية السعودية المميزة المدربة بجدارة والملتحقة بدورات حديثة، توجد المساندة التقنية المتمثلة في التطوير الجاد والملموس بأحدث ما وصلت إليه العلوم والتكنولوجيا في مجالات المعدات العلمية والمختبرات المعملية المتعلقة بالحمض النووي والتزييف والبصمات والسموم والمخدرات والصوتيات وغيرها. وقد اختبرت هذه الكفاءات بشكل غير مسبوق إبان الحملة على الإرهاب التي تمكنت فيها الأجهزة الأمنية من إعداد مطابقات مذهلة للبيانات التي تم الحصول عليها من بقايا الأحداث الإرهابية ومقارنتها مع قاعدة البيانات، وتم الوصول جراء ذلك إلى معرفة الجناة والفاعلين ومن ساندهم. وكذلك كان الاختبار الآخر لهذه الأجهزة إبان كارثة سيول جدة التي راح فيها العشرات من الضحايا، حيث تمكنت هذه الأجهزة من تحدي نفسها وتطوير قدراتها وتوصلت إلى معرفة هويات كل الضحايا بأقل الوسائل الداعمة والاعتماد على العنصر البشري والتقني فقط. هناك نماذج باهرة تعمل في هذا القطاع وهم كتيبة من الجنود المشرفين الذين أصبحوا مركز طمأنينة كل الأجهزة التي يساندونها. الداخلية السعودية انتقلت في السنوات الأخيرة نقلة نوعية واضحة، وأصبحت تجربتها في التعامل مع التحدي الإرهابي «مدرسة» تصدر تجربتها للآخرين، وتتم الاستفادة منها بشكل عملي وبشكل نظري يدرسان في المعاهد الأمنية المختصة. هناك أجهزة «مهمة» وفاعلة ومؤثرة تعمل بصمت وبهدوء، وتكون صاحبة دور أساسي في الوصول للإنجاز الكبير، فالأمن حلقات متصلة، كل حلقة لها ذات الأثر للوصول للأهداف الكبرى المهمة. التطور المهم والملحوظ في العناية بالتدريب والدورات وتوسيع الآفاق بالاطلاع على تجارب الدول وفتح المجال للتعامل مع تجارب مختلفة للاستفادة القصوى، وكذلك تطويع التقنية بشكل جاد وعملي والاستفادة الفورية من أحدث ما تنتجه التكنولوجيا، انعكس بالإيجاب على النتائج والفعالية ومكن الأجهزة الأمنية من أن تنجح بشكل متواصل في المواجهات المختلفة.

الداخلية السعودية لها أن تفتخر بإنجازاتها المستمرة، وإدارة الأدلة الجنائية بمحافظة جدة كانت نموذجا واضحا على هذه النتائج المحققة. وأتذكر في الختام كلمة للأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية تقول إن الداخلية هي مرآة المواطن، وهو بذلك يؤكد المسؤولية الاجتماعية المشتركة بين الأمن والمواطن. وزارة الداخلية السعودية تحولت اليوم إلى النخاع الشوكي للبلاد، ومع ازدياد معدلات الأمن تزداد الطمأنينة، وهي أعظم النعم.

[email protected]