ليس هذا وقتها

TT

أرى نفسي أحيانا على خلاف مع بعض الكتّاب أو بعض الزملاء. وأشعر برغبة مهنية في التعليق، لكنني لا ألبث أن أقمع نفسي. والسبب أن النقاش بين الزملاء والكتّاب في هذا العصر يتخذ تفسيرات وأبعادا وإشاعات وترهات لا علاقة لها بحقيقة النيات أو الجدل أو بجوهره. وأنا من جيل كان أمتع ما لديه تبادل النقاش على صفحات الصحف. وكان رئيس تحرير «النهار» الراحل لويس الحاج، يكتب بتوقيعه في «النهار» وبتوقيع مستعار في صحيفة أخرى. وكل يوم كان يجادل الأصيل صاحب التوقيع المستعار. وحتى عندما عرفت بيروت كلها اللعبة، ظلت تستظرف وتستمتع. بل ازدادت حماسا، مرة للأصيل ومرة للمستعار.

بتردد شديد، قررت أن أعاتب الأستاذ علي سالم على مقاله في «الرأي» يوم الأحد، بعنوان «أيتها الحرية كم من القوافل ترتكب باسمك». هل يعقل أن يخالف كاتب عربي جميع كتّاب العالم، في الموقف من مجزرة «قافلة الحرية»؟ وهل من المعقول أن يسخر كاتب مصري من نائبين كانا ضمن القافلة ويتهمهما بقبض المال لقاء ذلك؟

شخصيا، لي موقف معروف من حماس في ما يتعلق بصراعها مع فتح. ولي موقف منها في ما يتعلق بخداع كبار الوسطاء والداعمين. لكن، هل يمكن أن يكون الموقف هو نفسه عندما تكون غزة خاضعة لأسوأ أنواع الحصارات الحديثة؟ وهل يعود مهما، أو يستحق الذكر، إن كان نائب مصري يقف ضد عتي نتنياهو، لقاء مقابل مالي أو مقابل بردعة؟ أليست هناك خطوط فاصلة في معالجة قضايا البشرية والإنسانية؟

أصارح الكاتب، الأستاذ علي سالم، بأن موقفه قد فاجأني، بصرف النظر عن مدى صحة ما أشار إليه. قافلة الحرية لم يكن فيها فقط نائبان مرتشيان، بل كان فيها شهداء وكان فيها مناضلون وكان فيها متطوعون من أنحاء العالم. وهؤلاء لا يضير شهادتهم أو نضالهم أو موقفهم، أن يكون بينهم نائبان سقطا في الرشوة والدفع والقبض. اللهم إذا كان ذلك صحيحا.

إن الوقوف ضد حماس لمجرد أن يرد ذكرها، ليس موقفا مهنيا ولا هو سياسة موضوعية. ومن الممكن أن نقف ضد حماس في أمور كثيرة، لكن ليس عندما يكون العالم أجمع معها. أو بالأحرى مع غزة.