لا ينتمي إليها

TT

حقائق أكيدة ومهمة لا يمكن إغفالها عن الإسلام والمسلمين في ظل الحديث الذي لا ينقطع عن أوضاع المسلمين وحقوقهم.

المسلمون في غالبيتهم شعوب مسالمة، تتعايش بسلام حول العالم مع أصحاب الملل والأعراق والأديان الأخرى. والمتعصبون منهم نسبة شاذة في حجم المليار ومائتي مليون مسلم، لكنهم مجموعة «مزعجة وصوتها مرتفع». الإسلام دين يحفظ للمرأة حقوقها، فهي وصلت في الكثير من الدول الإسلامية إلى رئاسة الدولة، وأصبحت رئيسة للوزراء ووزيرة وقاضية ورياضية ومهندسة وطبيبة ومعلمة وممرضة، وقادت الجمل والحصان والطائرة والدبابة.

المسلمون «قادرون» على التعايش الديمقراطي، والعمل بتداول السلطة، واحترام الدساتير والمواثيق، وهناك أمثلة في الهند وتركيا وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا تؤكد ذلك بامتياز وقوة وجدارة. هناك أخطاء وسقطات حدثت من قبل بعض المسلمين عبر الأزمنة، وهم في ذلك مثلهم مثل غيرهم من الشعوب والأديان والأمم، ومحاولة تجريمهم وحدهم في المطلق هي تزييف للحقائق وتسطيح للأمور بسذاجة وخبث في آن واحد.

العالم الإسلامي والمسلمون فيه واقعون اليوم بين مطرقة آيديولوجيات سياسية تراهم رأس الشرور وسبب الأزمات، وتعتبرهم اليوم عائقا أساسيا في اندماج الأمم وانسجام الثقافات.. وسندان فرقة داخل العالم الإسلامي تصر على قراءة ضيقة للدين من نصوص بشرية منتقاة أسيرة زمن محدود وماض سحيق بظروف خاصة تضيق على المسلمين، برفض العمل بالتعددية في الآراء والاتساع في الآفاق والتنوع في المشارب، وبعدم التمعن في سيرة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) نفسها المليئة بالعبر والدروس المؤكدة للتنوع والتسامح والانفتاح، لكنها تفضل الأخذ بآراء أخرى تفسر الدين بشكل غريب وتمنحه القداسة الجديدة بشكل يوازي قداسة أصل الدين نفسه.

فريقا المطرقة والسندان يشذان عن العالم. الفريق الأول مليء بالعنصرية والتطرف والآيديولوجية السياسية الموجهة لأغراض تاريخية ودينية، والفريق الثاني مليء بالجهل والخوف والقصور العلمي، وكلاهما يستحق بعضهما بعضا. إنه زواج المصلحة، فلا يمكن أن يعيش أحدهما من دون الآخر في حياته، لأن التطرف بحاجة لجهل مضاد.

الغالبية العظمى والكاسحة من العالم تقبل المسلمين وتتعايش معهم، ولا «مشكلة» أساسية في علاقتها بهم إلا بمن شذ وكان من المتطرفين، والغالبية العظمى من المسلمين يعيشون ويؤمنون بالوسطية والتسامح والتعددية، ويطبقون عمليا التنوع في حياتهم، ولا يزدرون الغير، ولا يحقرون النساء، ويحترمون الشرائع والأنظمة والقوانين. أستغرب وأندهش من دعاة الحرية والحقوق والتعددية والديمقراطية التي تتحطم تماما حين يكون الحديث عن المسلمين أو عن إسرائيل فتظهر المعايير المزدوجة والمعاني المخلوطة، وبالدهشة ذاتها يكون الوضع مع رواد المنابر الذين يتغنون بالوسطية والتعددية في الدين الإسلامي، وتجدهم أول من يكرس للجهل والإقصاء والعنصرية البغيضة بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد بشكل لا يمكن تصوره. الجهل والتطرف والعنصرية لا دين لها ولا ملة، إنها موروث إنساني يترعرع في البيئة التي تسمح بوجودها فيها، وبالتالي لا يمكن احترام وتقدير الأبواق التي تروج لتلك الأفكار «المريضة» مهما كانت منابرها وحججها براقة وجذابة وأخاذة.

الشيوعية والصهيونية والنازية والخوارج والحشاشون و«القاعدة» وغيرها كلها أفكار مريضة ولدت من أرحام الديمقراطية والحرية والدين، وكلها تحولت إلى أفكار شيطانية دمرت الناس وفرقت ما بينهم. الحرية والديمقراطية فكرتان عظيمتان، والإسلام دين عظيم، وكل من يشذ عن هذه المعاني لا ينتمي إليها.

[email protected]