وحش النساء!

TT

تسيدت أحاديث الناس هذه الأيام حكاية «صياد النساء» الذي يقتحم المنازل، فيعتدي على العائلات، ويسرق الأموال، ويروع الآمنين، والناس - بطبيعة الحال - تزعجهم الجريمة بكل أنواعها، ولكنها حينما تصل إلى الأعراض فإنها تأخذ بعدا آخر يتسم بأقصى درجات الغضب.

وكنت أتأمل الصورة التقريبية المرسومة التي أعدها رجال الأدلة الجنائية في شرطة جدة، ونشرتها إحدى الصحف لهذا الوحش الآدمي، وأبحث في ملامح الصورة عن العلاقة بين السلوك الإجرامي وملامح الوجه الظاهرة، ورغم يقيني بأن نظرية الربط بين السلوك الإجرامي والملامح الجسمانية تغفل كثيرا مؤثرات البيئة، والنشأة، والتربية، فإنني كغيري من نقاد هذه النظرية، يجدون في دواخلهم نوعا من الفضول لاختبار بعض ما ذهب إليه الطبيب الإيطالي تشيزري لومبروزو عن الملامح العضوية التي تميز المجرمين عن غيرهم، إذ يحدد لومبروزو 21 ملمحا أو علامة، إذا توفرت خمس منها في الشخص أو أكثر اعتبره لومبروزو مجرما كاملا وخطيرا، وقد وجدت من هذه السمات في الرسم التقريبي الذي أعده رجال الأدلة الجنائية جملة من هذه الصفات، مثل:

- بروز الأذنين.

- ضخامة عظم الفكين.

- امتلاء الشفتين.

- تراجع خط الشعر.

- برودة النظرات.

وغير ذلك من الملامح التي تكفي في نظر لومبروزو لإرسال صاحبها إلى ساحة الإعدام، وكنت أمتلك قدرا من التفاؤل بأن وحش النساء هذا لن ينعم طويلا بعبثه في مدينة يدار أمنها بأذكى العقول وأحدث الوسائل، وكان تفاؤلي في محله، فلقد نشرت صحيفة «عكاظ» السعودية في عدد أمس خبر القبض على المجرم، وهو شاب وافد في الـ24 من العمر، وبتأمل صورته الحقيقية مقارنة بالرسم التقريبي للجاني الذي أعدته شرطة جدة، تتضح مدى الكفاءة التي تتمتع بها هذه الإدارة، ومدى قدرتها على حل ألغاز الجرائم وغموضها، وكنت قد زرت شرطة جدة بدعوة من مديرها اللواء علي الغامدي، وكتبت على أثرها مقالا قلت فيه: «لو علم المجرم بما تحويه من أجهزة ووسائل وأساليب، ومن تضم من الرجال الرائعين المدربين محليا ودوليا لفكر المجرم مليون مرة قبل ارتكاب جريمته، فليس ثمة مجال لكي يفلت المجرم بجريمته»، وها هو منجزهم الحديث في كشف «سفاح النساء» يؤكد الثقة في تلك الصفوة من الخبراء الأمنيين الذين يمثلون عيون الوطن الساهرة، وهذه السطور تحية إعجاب بهم وبمنجزاتهم.

[email protected]